النقد البناء.. سمعني صوتك!

الجمعة - 16 فبراير 2018

Fri - 16 Feb 2018

«احفظ العبارة التالية!» هذه الجملة كان ولا يزال يسمعها كثيرون، إلا أنهم لا يزالون غير مقتنعين بها، وعلى الرغم من ذلك ظلت تلاحقنا طوال سنوات الدراسة، أنا لست هنا لأقارن بين الحفظ والفهم أو لأذكر سلبيات الحفظ وإيجابيات الفهم، ولكن لأشرح للقارئ الكريم لماذا لا يمارس مجتمعنا النقد البناء؟

بداية النقد البناء لا يقصد به الثناء والمديح والتزكية، ولكن هو ذلك السلاح السلمي الذي يستخدمه الناقد في وجه الآخرين بهدف التحسين، هو ذلك الأسلوب الإيجابي الذي يهدف إلى تصحيح الأخطاء، وهو أيضا المحرك الأول الذي يدفعنا إلى الأمام ويعطي قدرة أعلى للإنتاجية والتطوير. لا يمارس البعض النقد البناء بسبب ضعف قدراتهم التحليلية، لأن العقل اعتاد على تلقي المعلومات وتخزينها فقط دون أي محاولة لتحليلها أو انتقادها. ما زلت أذكر حتى اليوم مقولة مشرف رسالتي لدرجة الدكتوراه «في كل مرة تعيدين قراءة بحثك ستشعرين بأنك غير راضية عنه، وستجدين حلولا جديدة وأفكارا كثيرة تتمنين إضافتها لأنك اكتسبت قدرات على التحليل والانتقاد الإيجابي الذي سيدفعك كل مرة لأن تحسني أسلوبك في كتابة الجمل وتضيفي عليها عبارة أو كلمة». أعترف الآن بأن كلامه كان صحيحا 100%، ففي كل مرة أقرأ فيها صفحات من بحثي الآن، أجد نفسي أنتقدها نقدا بناء، هذا لا يعني بالضرورة أن هناك خللا في البحث أو في طريقة الكتابة، ولكن السبب أن المشرفين على رسالتي اعتادوا على أن ينتقدوا ما أكتبه انتقادا إيجابيا، مما جعلني أكثر احترافية في التحليل وإعطاء سبب مقنع لكل جملة أكتبها.

لكن لماذا لا يمارس مجتمعنا النقد الإيجابي البناء؟ الأسلوب التلقيني في التدريس للأسف يسيطر بشكل كبير على نظامنا التعليمي، ما الفائدة التي ستكتسبها عندما تحفظ جملة طويلة أو نظرية معقدة في مجال معين، ثم يطلب منك ذكرها شفهيا أو كتابيا؟ على الغالب ستنساها لتفسح المجال لعقلك لأن يحفظ جملا ونظريات أخرى. على ما يبدو أن معظم مشاكلنا ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالتعليم، من السهل أن نحفظ ونسترجع معلوماتنا لكن من الذكاء أن نفهم ما نحفظه لنستخدمه في تحليل المشاكل من حولنا، ونعطي لأنفسنا الجرأة في انتقاد الأفكار من حولنا. أفكارنا البسيطة التي نستغني عنها بعد أول انتقاد هي مفاتيح لأبواب لم نطرقها بعد. عقولنا تحمل أفكارا لم يتعرف عليها العالم بعد، فلنكتب أفكارنا ونضع أهدافا نصب أعيننا ونتقبل كل نقد إيجابي بناء لنطور ونحسن أنفسنا، والأهم أن نقضي على معظم مشاكلنا مستقبلا. بمعنى آخر اكتب الأفكار التي تخطر ببالك، وانتقد نفسك وغيرك نقدا بناء لنسمع صوتك!

كيف يكون نقدك بناء؟

1 أن تكون على دراية كافية بموضوع النقد وليس بمعلومات سطحية عامة

2 جرد نفسك وتفكيرك من كل الأمور الشخصية واجعل تركيزك في الأمور التي تنتقدها

3 ابتعد عن تهميش الأمور الإيجابية واذكرها بوضوح قبل الخوض في ذكر العيوب

4 اجعل التطوير والتحسين هدفك الأول عند الانتقاد حتى لا تنشغل عن المهم وتجد نفسك في جدال غير مجد

Sam_Tardi@