محمد العوفي

الجدارة والكفاءة للترقيات دون سواهما

الاحد - 04 فبراير 2018

Sun - 04 Feb 2018

إحدى معضلات الإدارة الحكومية تكمن في اعتمادها على معيار الأقدمية في الترقيات على حساب الجدارة والكفاءة، ونظام الخدمة المدنية ليس استثناء من ذلك، بل في تعديلاته الأخيرة ذهب بعيدا في تعزيز معيار الأقدمية عندما جعلها موازية للجدارة التي ربطت في تقييم الأداء الوظيفي بعد إلغاء معياري المؤهل العلمي والتدريب من نقاط المفاضلة للترقية، وتقييم الأداء الوظيفي هو الآخر ليس لا يزال رهين العوامل الشخصية والمحاباة والمحسوبية، إذ تبدأ في السنوات الأخيرة التي تسبق استحقاق الترقيات الشفاعات والتوسل للحصول على تقييم أداء مرتفع من أجل الترقية.

نظام الترقيات في الأجهزة الحكومية بصيغته الحالية لم يعد صالحا للعصر، لأنه سيواصل طرده للكفاءات التي اكتشفت أن هذه المعايير لا تزال تنتهج نهج الإدارة الكلاسيكية التي اندثرت مقابل الإدارة المعاصرة؛ لا سيما أن نظام الترقيات في الأجهزة الحكومية ولوائحه التنفيذية لا تفرق بين المجتهد والمنجز والموظف العادي والمتسيب، لأن الموظف، وفقا لمعيار الأقدمية، سيترقى إلى وظيفة أعلى بمجرد تحقيق شرط البقاء في وظيفته الحالية مدة زمنية معينة؛ لذلك من الطبيعي أن تهجر الكفاءات الباحثة عن التقدير والنجاح والإنجاز القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص، وهو ما تسبب في تراجع أداء القطاع الحكومي وساهم في بناء صورة نمطية سلبية حول الأداء والإنتاج.

مما سبق يمكن القول إن أنظمة الخدمة المدنية ولوائحها التنفيذية شريك أساسي في تواضع أداء الجهاز الحكومي، ومن غير الممكن الحديث عن قطاع حكومي منتج، وهو لا يزال رهين لوائح تنفيذية وأنظمة بعضها مضى عليها أربعة عقود دون تغيير، وهو ما ذكره صراحة وزير الخدمة المدنية سليمان الحمدان على هامش منتدى الاقتصاد العالمي «دافوس» في مقابلة مع قناة CNCB عربية، والنقطة الأخرى التي لم يشر إليها الحمدان أن بعض هذه الأنظمة واللوائح التي طالها التحديث ركز على بعض المواد لكن النظام الأساسي بقي كما هو دون تغيير.

وما تنبهت له الوزارة مؤخرا؛ أن اللوم الأساسي في ضعف أداء أجهزة الخدمة العامة يقع على الأنظمة وحدها، وأن أداء الموظف ما هو إلا نتاج لها، وأن غياب معياري الكفاءة والجدارة اللذين يمنحان المجتهد والمميز طريقا أسرع للوصول للقيادة والإدارة والترقية سبب رئيسي في ذلك،ولعل ذلك يجد طريقا في مشروع تحديث وتطوير اللوائح التنفيذية لنظام الخدمة المدنية الذي تحدث عنه وزير الخدمة المدنية.

نؤمل أن يعيد هذا المشروع الحيوية للقطاع الحكومي شريطة أن يخرج من عباءة الكلاسيكية إلى نهج الإدارة المعاصرة التي تقوم على تقدير الموظف المنتج، وتمنح الجهات الحكومية حق مكافأة وترقية الموظفين الأكفاء استثناء، وإن لم يكن كذا عليها أن تبحث عن آلية معينة للمكافأة والتحفيز التي يخلو منها النظام الحالي.

@mohdalofi