عبدالله المزهر

.. وفرقوا بينهم في الفنادق!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 31 يناير 2018

Wed - 31 Jan 2018

حملة ملاحقة الفاسدين والمشتبه في فسادهم التي انتهت بهم في إقامة موقتة بفندق الريتز كانت أهم حدث سعودي في العام المنصرم، كانت حدثا مهما لأنه كان مفاجئا وغير متوقع وطال أسماء كان مجرد التلميح إليها أو الحديث عنها عرضا حديثا غير مأمون العواقب، أما محاسبتهم أو مساءلتهم فلم تكن في الحسبان من الأساس، ومجرد تخيلها أمر يثير الفزع.

والجميل أن الأمر كان معلنا وواضحا في بدايته، ثم بدأ الغموض يتسلل إلى الأمر، وهذا أمر يثير الفضوليين الذين يقضون أعمارهم في محاولة الفهم.

المنطق يقول بأن الأسماء التي دخلت إلى الفندق الفخم كانت أسماء لمتهمين لم تثبت إدانتهم ولا براءتهم، والقانون يقول إنهم أبرياء حتى يثبت العكس، وكذلك قالت النيابة العامة في عدد من التصريحات على لسان النائب العام، وهذه ليست المشكلة بالطبع. المشكلة التي تؤرق الفضوليين أمثالي أنه بعد أن بدأ عدد نزلاء الفندق في التناقص لم يوضح النائب العام أيهم خرج بتسوية وأيهم خرج بريئا، وأيهم سينتقل إلى مقر إقامة أقل فخامة من الريتز، وهذا أمر يبدو مهما للنيابة وللناس وللمتهمين أنفسهم.

والفرق بين مغادرة الفندق ببراءة ويد بيضاء وبين مغادرته بعد تسوية أن التسوية تعني ضمنا الإدانة ومن ثم الاعتراف بالتكسب غير المشروع، وإلا لماذا تتم التسوية من الأساس؟

واللافت للنظر أن كل المغادرين يغادرون كالفاتحين، والعائدين من انتصارات مؤزرة، وهذا الأمر مستفز في بعض الأحيان. لست بالطبع ضد أن يحتفي أهل أي متهم أو سجين بعودته إليهم فهذا أمر إنساني لا حق لمخلوق أن يعترض عليه مهما كان الجرم المرتكب، لكني أتحدث عن احتفاء إعلامي وعبر وسائل التواصل يصور هؤلاء كمظلومين مساكين انتصروا بعد صراع طويل مع الباطل.

ولذلك فإن الوضوح والشفافية وهما الطريق الذي بدأت به هذه القصة يفترض أن يستمرا حتى آخرهما، وأن يعرف الناس الأسباب التي أدت إلى قيام بعض النزلاء بعمل «تشيك آوت» قبل غيرهم وما هي الفواتير التي دفعوها حتى يغادروا الفندق الجميل.

هناك أبرياء خرجوا ولكن الناس يظنون أنهم خرجوا بعد تسويات وهذا مسيء لهم، وهناك من خرج بتسوية ويتعامل معه على أنه خرج بريئا لم تمتد يده يوما إلى ريال لا يخصه، وهذا شرف لا يستحقونه.

وعلى أي حال..

والشيء بالشيء يذكر، فإن السجن في فندق فخم ليس أمرا سيئا، ولكن الحرية أجمل، ولعل من الفوائد الهامشية لهذه القصة أن يكف «بعض الناس» عن المقارنة بين السجن والفنادق ذات الخمس نجوم، لأن السجن سجن في أي مكان، وهذا أمر تظهره فرحة المغادرين من فندق الريتز الفخم والتي لا تختلف كثيرا عن فرحة المغادرين من سجن الملز أو الحاير أو حتى فرحة المغادرين لتوقيف المرور والذي يعد أسوأ مكان يمكن أن يحبس فيه إنسان.

@agrni