وديعة المملكة وباليستي إيران

الأربعاء - 31 يناير 2018

Wed - 31 Jan 2018

فيما لا تزال إيران تمارس دورها التخريبي في المنطقة العربية عموما واليمن على وجه التحديد، عبر الإصرار على إرسال الصواريخ الباليستية والمتفجرات والقنابل والألغام لعملائها الحوثيين، وتحريضهم على مواصلة أعمالهم الإجرامية بحق الشعب اليمني، وانقلابهم على الشرعية، فإن السعودية بالمقابل تستمر في أداء دورها الإيجابي، بالعمل على إزالة آثار الحرب، ودعم المدنيين بإرسال آلاف الأطنان من المواد الغذائية والمساعدات الطبية، التي شملت كافة مناطق اليمن، دون اكتراث لأي اعتبارات سياسية أو مذهبية أو مناطقية. ليس هذا فحسب، بل سارعت في إطار دعمها للاقتصاد اليمني، إلى إيداع مبلغ ملياري دولار كوديعة لدعم الريال اليمني، ومنعه من الانهيار، وهو ما أدى بالفعل إلى تزايد قيمته أمام الدولار وسائر العملات الصعبة، بعد أن شهد خلال الفترة الماضية تراجعا ملحوظا.

ما سبق يؤكد حقيقة واضحة، ويكشف الفرق بين تعامل دول كبرى تتصرف من واقع المسؤولية التي يفرضها عليها وضعها كرائدة وقائدة للدول العربية والإسلامية، تتجاوز نظرتها إطار المصلحة الذاتية الضيقة، وبين دول صغيرة الاهتمامات لا تركز سوى على مصالحها الطائفية ونظرتها المذهبية، وحلمها في تصدير مبادئ «الثورة» إلى الآخرين، ولو كانوا كارهين. اللافت للأمر أنه بعد ساعات قلائل من إيداع المبلغ في حساب البنك المركزي اليمني، لم تجد إيران وعملاؤها الحوثيون وسيلة للرد سوى تكثيف محاولات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية على مناطق ومدن المملكة، مما يوضح مقدار الغضب الذي أصابهم بعد ذلك الدعم.

وتؤكد الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، وسجلات المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن والدول المانحة، أنه منذ الانقلاب على الشرعية لم تبادر طهران بإرسال أي مساعدات إنسانية للمتضررين، ولو في مناطق الحوثيين، مثل صعدة، وكل ما فعلته هو إرسال سفينة وحيدة محملة بأطنان من الأرز الذي اتضح أنه منتهي الصلاحية، وبه كميات من الديدان، وكأن نظام الملالي يقول لليمنيين إن هذا هو ما تستحقون. وفي المقابل لم تتورع عن محاولات تهريب الأسلحة للانقلابيين عبر ميناء الحديدة، تأكيدا لما عرف عنها باستمرار من سخائها في إرسال أدوات الموت والدمار، وبخلها الشديد وإحجامها عن دعم كل ما يؤدي إلى الحياة والازدهار وتنمية الإنسان.

السلوك السيئ لنظام خامنئي لم يقتصر رفضه وشجبه على اليمنيين أو المجتمع الدولي فقط، بل إن الرفض الحقيقي أتى من الداخل الإيراني، عندما انتفض الشعب ضد جلاديه، بعد أن وصلت أحواله المعيشية إلى درك لم يدر في خلد أكبر المتشائمين، وتدهور الاقتصاد بفعل المقاطعة والعقوبات التي فرضها المجتمع الدولي على الدولة المارقة، لإثنائها عن المضي في برنامجها النووي المثير للجدل وللشبهات، ووقف تدخلاتها السالبة في شؤون دول الجوار، وكان لافتا أن معظم اللافتات التي رفعها المتظاهرون الغاضبون كانت رافضة لتلك التدخلات، ومطالبة بعلاقات سوية وسلمية مع الدول الأخرى.

ومع أن تلك الصواريخ تظل عاجزة عن بلوغ أهدافها أو تحقيق أي من مقاصدها، بفعل الدفاعات السعودية المتطورة التي تسقطها بكفاءة عالية، إلا أن الرسالة التي تحملها تظل واضحة للجميع، وهي أن الهدف الرئيسي للانقلابيين وطهران هو تدمير اليمن، وانهيار اقتصاده، وإضعافه، ليسهل الانقضاض عليه وإدراجه ضمن الفلك الإيراني، وهو ما لن ينجحوا فيه بإذن الله، فلليمن رب يحميه، وشعب يدافع عنه، ومحيط عربي يدعمه، ولو كان ضد المحسوبين زورا من أبنائه الذين ارتضوا العمالة للخارج، واختاروا أن يكونوا أدوات تدمير يستغلها أعداء بلادهم لقتل إخوتهم وأبنائهم، ولم يعلموا أن ذاكرة التاريخ لا ترحم، وأن الأجيال المقبلة سوف تحاسبهم على ما اقترفت أيديهم، ولن تقبل أن يحكموه تحت أي مسمى، وأن الشعب الذي عرف بالحكمة لن يرضى أن يلدغ من ذات الجحر مرتين.