التأمين الطبي ووزارة الصحة والضحية

كان الرجل الملقى في زاوية منسية في مستشفى الدمام المركزي من جنسية أفريقية. ينزف منذ أيام مع ضماد بائس، وعظام جسده خارج مكانها حين بادر بسؤال أحدهم. هل سأموت؟ أظن أني سأموت غداً. كان هذا آخر ما قاله الرجل، حيث توفي في اليوم التالي مثل أي قط متشرد على قارعة الطريق. وأغلق ملفه ليفتح قبره. وليفتح بعده عشرات الملفات لضحايا حقيقيين المسؤول المباشرعن نهايتهم البشعة هذه كل من وزارة الصحة وشركات التأمين الطبي.

كان الرجل الملقى في زاوية منسية في مستشفى الدمام المركزي من جنسية أفريقية. ينزف منذ أيام مع ضماد بائس، وعظام جسده خارج مكانها حين بادر بسؤال أحدهم. هل سأموت؟ أظن أني سأموت غداً. كان هذا آخر ما قاله الرجل، حيث توفي في اليوم التالي مثل أي قط متشرد على قارعة الطريق. وأغلق ملفه ليفتح قبره. وليفتح بعده عشرات الملفات لضحايا حقيقيين المسؤول المباشرعن نهايتهم البشعة هذه كل من وزارة الصحة وشركات التأمين الطبي.

الاحد - 26 أكتوبر 2014

Sun - 26 Oct 2014



كان الرجل الملقى في زاوية منسية في مستشفى الدمام المركزي من جنسية أفريقية. ينزف منذ أيام مع ضماد بائس، وعظام جسده خارج مكانها حين بادر بسؤال أحدهم. هل سأموت؟ أظن أني سأموت غداً. كان هذا آخر ما قاله الرجل، حيث توفي في اليوم التالي مثل أي قط متشرد على قارعة الطريق. وأغلق ملفه ليفتح قبره. وليفتح بعده عشرات الملفات لضحايا حقيقيين المسؤول المباشرعن نهايتهم البشعة هذه كل من وزارة الصحة وشركات التأمين الطبي.



نعم، فالرجل الضحية هنا تعرض لحادث وتم نقله لطوارئ المستشفى ولأن وزارة الصحة لا تسمح بعلاجه كونه أجنبيا إلا عن طريق تأمينه الطبي، ولأن تأمينه الطبي لا يغطي بالكاد تكلفة ارتفاع حرارة طفل وخافض حرارة، فإن الرجل ظل يصارع الموت لأيام تحت نظر وسمع الأطباء بالمركزي لأسباب غير إنسانية أيضا، تتعلق بعدم مبادرتهم للنظر في حياة إنسان ملقى في الطوارئ لديهم وتكاسلهم. بشكل ما وبطريقة ما حيث كان بإمكانهم إنقاذ حياته فهو في نهاية الأمر إنسان يستحق أن تقدم له المساعدة الطبية أقلها وفاء للقسم الذي أقسموه. فإن كان النظام وبنوده صارمين متجردين من الروح فإن مهنة الإنسانية يجب أن تبقى على روحها ومكانتها كونها تمس حياة الناس.

هذه الوفاة التي مرت بلا أي تفاعل، باستثناء إخبار عائلته بأن الرجل توفي نتيجة حادث سيارة، بينما في حقيقة الأمر توفي نتيجة عدة حوادث لا أخلاقية ولا نظامية، ارتكبتها شركات التأمين الطبي كونها لا تغطي مثل هذه الإصابات ولم تستحدث حتى الآن أية آلية بينها وبين وزارة الصحة في مثل هذه الحالات الطارئة. ووزارة الصحة مسؤولة عن هذا كونها لا تبدي أي التزام تجاه مثل هذه القضايا العالقة، أو وضع لائحة واضحة في كل المستشفيات الحكومية تتعامل فيها بشكل إنساني يليق بدورها الكبير والمعول عليه في حماية حياة الناس، سواء كانوا مواطنين أو أجانب، إذ نحن أمام حالات بين الحياة والموت تحدث كل يوم وبين وقت وآخر. وما زال مسلسل الموت المجاني مستمرا وما زال النظام بلا روح.

شركات التأمين الطبي مسؤولة تماما عن هذه الكارثة التي تتكرر، بينما تكتفي هذه الشركات بجمع ما يمكنها جمعه من الأموال على حساب حياة البشر. ولأنها شركات دافعها الأول الاستثمار على حساب الآخرين مهما كان الثمن، فإن استجابتها لتغييرأنظمتها سيكون بطيئا ما لم تلزم بهذا من أصحاب القرار. فإما أن يكون أي تأمين طبي يشمل حالات الخطر الحقيقي مثل الحوادث والعمليات التي تتعلق بحياة الفرد، وإما أن تستحدث وزارة الصحة قانونا إلزاميا لاستقبال مثل هذه الحالات لإنقاذها.