حَجْر بنت العم مآس خلفتها عادات عفا عليها الزمن

تعد عادة (الحَجْر) من العادات السلبية الموجودة في المجتمعات القبلية، وتؤثر في بنيتها وتنافر أفرادها وسوء العلاقات بينهم بشكل كبير، وتسمى في منطقة نجران (القرع) وهي تزويج البنت لابن عمها سواء رضيت أم أبت، وغالبا ما تضطر الفتاة للزواج منه بسبب منعه كل من يأتي لخطبتها، ولخوفها من أن تقع فريسة العنوسة أو أن يفوتها قطار الزواج، وخلفت تلك العادة التي عفا عليها الزمن مآسي إنسانية وقعت ضحيتها كثير من الفتيات، ومشاكل أسرية.

ملل الانتظار

وقال عبدالله اليامي: اتفقت أنا وأخي على أن يتزوج أبناؤه الثلاثة بناتي بعدما زوجت الكبرى من خارج العائلة، وظللت أنا وبناتي في انتظار أبناء عمومتهن لنحو 10 سنوات، وبعدما ملنا الانتظار أبلغني أخي أن أبناءه لا يريدون الزواج من بناتي، وذلك بعدما بلغ عمر الكبرى 29عاما، والآن وبعد ستة أعوام من ترك الحجر، وصل عمرها إلى 35 عاما دون زواج، وهذا أثر على جميع أفراد الأسرة، حيث إن الفتاة كلما زاد عمرها أصبحت فرص زواجها أقل، ما يضطرها لقبول الزواج من كبار السن أو الارتباط بزوج لديه أكثر من زوجة.

سحب الفراش

أما هادي آل شرية فأضاف، أمرني والدي عندما حضر شاب برفقة والده لخطبة ابنة عمي بأن أذهب إلى بيت عمي وأقرعهم، وأن أسحب الفراش من تحتهم، وأقول لهم «بنت عمي لي وأنتوا مقروعين منها وأنا ولد عمها وأولى بالزواج منها»، وفعلا فعلت ما طلبه والدي مع العلم بأنني ليس لي رغبة في الزواج منها، وبعد ثلاث سنوات أبلغت عمي أنني لا أرغب في الزواج من ابنتك وأعتبرها مثل أختي، وندمت على أنني أضعت عليها أكثر من فرصة للزواج، وبعدها بنحو شهرين تزوجت، وشعرت براحة الضمير لأنني تراجعت في الوقت المناسب، ولم أتزوجها أو أظلمها معي.

رفض الحجر

وبدأت نورة بنت سعد، بحسبي الله ونعم الوكيل في ابن عمي، الذي حجرني لمدة 15سنة، وكلما جاء شاب ليخطبني قال ابن عمي أنا أولى بها، ومع أنني أخبرت والدي بأن هذا الوضع لا يجوز، إلا أنه تمسك برأيه وقال: هذه عادات آبائنا وأجدادنا ولن نتركها، ولم يستطع أي من إخواني أن يثني ابن عمي عن قراره، وبعد فترة فك ابن عمي حجري بعدما وصل عمري إلى 37عاما، وانتظرت بعدها 5أعوام ثم تزوجت رجلا كبيرا في العمر، وأنجبت منه بنتين وولدا، وبعد ست سنوات من الزواج توفي زوجي إلى رحمة الله، وعندها عدت لمنزل والدي أرملة بأطفالي الثلاثة، وكل ذلك بسبب عادات قبلية عفا عليها الزمن.

إلحاح الوالد

وروت وِفْقة بنت فهد مأساتها بالقول: تزوجت ابن عمي بعد إلحاح من والدي، علما بأنني لا أحبه، لكن والدتي قالت لي بأن الحب يأتي بعد الزواج، ولم أستطع تحمله لعدم رغبتي في الزواج منه من الأساس، وبعد ثلاثة أشهر ذهبت لبيت أهلي ورفضت العودة له، ولكنني كنت حاملا وولدت طفلة في بيت أهلي وطلبت منه الطلاق فطلقني، وبعد نحو 3 أعوام تمت خطبتي لشاب وتزوجته ووجدت سعادتي معه، ولا ينغص على حياتي سوى عدم وجود ابنتي برفقتي حيث إنها برفقة والدها.

الأفضل بشروط

علي آل سدران «في الستين من عمره» أشار إلى أن عادة الحجر بدأت تقل في المجتمع النجراني، وما زال هناك البعض يتمسك بها، معتبرا ابن العم الأفضل للبنت إذا كان كريم الأخلاق ونبيل الصفات، أما من يحجر على ابنة عمه ويجبرها على الزواج منه دون رغبتها فلا يوجد لديه مروءة.

تفكك أسري

من جهته أوضح الأخصائي الاجتماعي عبدالرحمن العجمي أن مثل تلك العادات القبلية تسبب في البغضاء والكراهية بين أفراد المجتمع وخصوصا العائلة الواحدة، حيث إن عادة الحجر تسبب المشاكل بين الإخوان، وبين الزوج وزوجته ما قد يتسبب في طلاقهما، وتكون المشكلة أكبر مع وجود أبناء من ذلك الزواج، وقد أثبتت الدراسات أن نحو %70 من أبناء المطلقين يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية ويميل أغلبهم إلى الانحراف سواء الأخلاقي أو الديني، وفي المقابل توجد زيجات من أبناء العمومة لم يحصل بها أي مشاكل، و95 % منها كانت برضا الطرفين.

زواج باطل

وأكد المحامي طلال العتيبي أن الزواج إذا تم بالإجبار فيعد باطلا، وفي حال رغبت الزوجة في الانفصال في الأوضاع العادية وظهر ما يوجب ذلك من جهة الزوج ورفضه إتمام الطلاق فللمحكمة حق الخلع للزوجة من زوجها، وذلك حسب مرئيات القاضي التي تبنى وفقا لكل حالة حسب ظروفها.