أين الحقيقة؟!

الأربعاء - 17 يناير 2018

Wed - 17 Jan 2018

صديقي القارئ، قبيل الشروع في عمق الحديث اسمح لي أن أسبقه باعتذار، لأنه وباختصار موجه لكل مرب، وبالتحديد لـ(والدينا).

هذه المرة ما خطه قلمي شيء من العتاب مرتديا حلة الحب والتقدير، هو في صيغة سؤال، وإن صح القول تساؤل وجاء كالتالي: لماذا لم تطلعونا على سر هذه الحياة التي نحن الآن في مواجهة فردية معها، تماما كما يكون الأنداد في حلبة الصراع؟! بل لماذا لم تصارحونا بواقعية شراسة المواجهة؟!

كلماتي هذه لا تعني أننا نريد منكم إهداءنا الخارطة التي استخدمت من قبلكم في سبيل خوض تضاريس وهضاب الحياة، ولكن جل ما أردناه أن تهمسوا في آذاننا ببعض الأسرار بل وتنقلوا لنا شيئا من المفاتيح الضرورية التي ستعيننا مستقبلا لحل العديد من الألغاز المهلكة.

نعم قد لا يصح أن نشير بأصابع الاتهام، فبذلك قد نرتكب إحدى الكبائر المبطنة في رداء يطلق عليه «العقوق»، ولكننا نتحدث إليكم في ضعف وانكسار، فلتسمحوا لنا بشيء من العتاب لعل ذلك يخفف علينا بعضا من وطأة الحقيقة.

أمي هل تذكرين ما الذي أطلعتك عليه في يوم من الأيام «لماذا لم تخبريني أن الحياة بهذه الصعوبة لأتحضر نفسيا لذلك»؟ وظللت تتبسمين ظنا منك أنني أمازحك، ولكن لا والله، عنيت كل حرف نطقت به.

أختم حديثي معكم بأمرين لا ثالث لهما، أولا نمتن لكم على كل شيء، فنحن لا ولن نستطع إنكار أفضالكم، فما نحن عليه اليوم إنما يعكس مدارس التربية وحسن الخلق الخاصة بكم والتي تخرجنا فيها، عذرا لحظة، هذا لا يلغي عتبي السابق، فكما ذكرت إنما من قلب غارق في حبكم، ونفس تواقة للكمال البشري طامعة في كل جميل.

ثانيا، ها نحن نمسح على أكتافكم ليهدأ بالكم، بعد أن ظللتم ليالي طوال تخوضون الصراعات العنيفة لتحولوا بيننا وبين مرارة الأيام، سعيا منكم لإيقاف عجلة الحياة حتى لا تكرر نفسها لنتجرع ما تجرعتم من مرار.

حسبكم تريثوا قليلا وانعموا بالراحة كثيرا فوالله قد نضجنا لنصبح ما تمعنون النظر إليه الآن، وبالتحديد لتكتب أقلامنا وتقرؤوا ما نكتب. لم تلقنونا فنون القوة والشجاعة، ولكننا تشربنا منكم ذلك ودون إدراك منا. نعم أخفيتم الحقيقة عنا أن الحياة تتطلب كشفا عن السواعد من أجل الخوض فيها عميقا، ولكن شكرا لأنكم أتحتم الفرصة لنا كي نتعلم ماهية الكشف عن سواعدنا بالطريقة الأمثل لنا.

الأكثر قراءة