محاكمة مطبل
الأحد - 14 يناير 2018
Sun - 14 Jan 2018
كلما أوصدت علي أبواب نفسي وفكري اعتقادا بأنها فرادى لا شبيه لها، فوجئت حين إظهاري لطرفها بأن الكثيرين والكثيرين جدا لديهم شبيهها، إن لم يكن مطابقها. فقد ظللت أسمع من الكثيرين عن فجيعتهم في بعض الكتاب، وعن صدمتهم في تلونهم وتطبيلهم وتأجيجهم للأوضاع. فحيث ما راح التوجه العام، حملوا متاعهم من أقلام وكلمات سائرين معه أينما كان، فإذا ما مالت كفة الأغلبية نحو ملامة أحد والتقريع به ولو ظلما، كانوا معهم أشد ظلما، وإذا غلبت كفة الغالبية نحو تمجيد موقف أو شخص وإنزاله منازل الصالحين ولو وهما، كانوا معهم أشد تضليلا، وكل هذا تحت غلاف من ديباجات الوطنية المبطنة بالأطماع ورياء الناس، وتلك والله لمصيبة! فإن الكتاب إذا ما مالوا وتملقوا، ضاع صوت الحق وانشرخت المرآة التي تعكس صورة الحقيقية. وأصبحت مجتمعاتنا تمشي بشق مائل ودون بصيرة.
لذا أيها الكتاب اتقوا الله في أقلامكم، اتقوا الله في آرائكم، اتقوا الله فإنكم مسؤولون، فمن منكم لديه مطامع أو مصالح فأرجوكم ارتزقوا بغير الكتابة، ارتزقوا بغير التطبيل وركوب الموجة و»مع الخيل يا شقرا». أرجوكم ارتزقوا بالتجارة ففيها المال أكثر، أو استفيضوا في كتابة خواطر الغزل وتواشيح الحب وعذاباته فإن مبيعات كتبها تحقق أكثر، أو ارتزقوا بمجالسة الأغنياء والوجهاء، ورصف قصائد المدح والتمجيد، فإنكم إن أجدتم تملقهم أجزلوا لكم العطاء والوساطات وصدروكم للوجاهة والإعلام.
أرجوكم اتركوا الكتابة للفقراء، فهي ديدنهم ومهنتهم الأثيرة على مر الزمن، نعم اتركوها للأغبياء من المفتدين بأنفسهم في سبيل كلمة حق، أولئك الذين يعبرون عن الناس، ويحملون هم المصلحة العامة. أولئك الذين لا يحبهم الوجهاء ولا تدعوهم الجهات لمحافلها لأنهم لا يجيدون فن التمجيد. أولئك الذين لا يلهثون خلف زيادة أعداد المتابعين، ولا يتخذون الجانب بناء على قوة أحد الطرفين. بربكم اتركوا الكتابة للرحماء، للمتنورين، للمتعاطفين، اتركوا الكتابة لمن يكتب بضميره، لمن يكتب بقلبه، لمن يكتب بصدق، يكتب بشرف، يكتب بدون سبب غير الحق والعدل والوعي، أولئك الذين يعبرون عن آراء الضعفاء قبل الأقوياء، والفقراء قبل الأغنياء، والأقليات قبل الأكثرية. اتركوا الكتابة للذين لا تتلون مواقفهم بحسب التوجه العام والموجة القادمة. اتركوا الكتابة لمن يثني الناس عليه حينا، ويسخطون عليه حينا، لأن ذلك يعني بأنه يتخذ المواقف بحياد، ولا يبحث فقط عن الرضا والقبول. اتركوا الكتابة لغير المحسوبين على أحد، وغير المنتمين لأحد غير قناعاتهم وضمائرهم. أخيرا اتركوا الكتابة للشجعان الذين لا يخافون من أحد، بل يخافون على الأوطان والمبادئ والشرف من التملق والغي والتطبيل لأن عاقبتها لن ترضي أحدا.
وعليه فإنني أطالب بقانون يجرم التطبيل والتأجيج، قانون يردع المنافق ويؤدب المبالغ ويسكت الكاذب الطامع، وإن لم يكن قانونا فليكن تكاتفا اجتماعيا، فأي مطبل يثني ويمدح على ما لا يستحق، أو مدع للوطنية بتخوين كل ما يخالفه، أو متسلق على موجة بالتأجيج أو التهويل في سبيل لفت النظر وزيادة المتابعين، فعلى الصحف وجميع المنصات الإعلامية عدم النشر له، وعلى مشتركي وسائل التواصل الاجتماعي إلغاء متابعته وحظره والرد عليه بعبارة (لا نتابع المضللين)، وليعلم العالم كله أن القراء ليسوا ساذجين، وأن الواعين حاضرون، وأن صاحب المبادئ سيعود لترجح كفته ولو بعد حين، ولنا في ماضينا العامر بالمطبلين خير درس ودليل بماذا كانت مصائرهم وكيف ذكرهم التاريخ.
@hebakadi
لذا أيها الكتاب اتقوا الله في أقلامكم، اتقوا الله في آرائكم، اتقوا الله فإنكم مسؤولون، فمن منكم لديه مطامع أو مصالح فأرجوكم ارتزقوا بغير الكتابة، ارتزقوا بغير التطبيل وركوب الموجة و»مع الخيل يا شقرا». أرجوكم ارتزقوا بالتجارة ففيها المال أكثر، أو استفيضوا في كتابة خواطر الغزل وتواشيح الحب وعذاباته فإن مبيعات كتبها تحقق أكثر، أو ارتزقوا بمجالسة الأغنياء والوجهاء، ورصف قصائد المدح والتمجيد، فإنكم إن أجدتم تملقهم أجزلوا لكم العطاء والوساطات وصدروكم للوجاهة والإعلام.
أرجوكم اتركوا الكتابة للفقراء، فهي ديدنهم ومهنتهم الأثيرة على مر الزمن، نعم اتركوها للأغبياء من المفتدين بأنفسهم في سبيل كلمة حق، أولئك الذين يعبرون عن الناس، ويحملون هم المصلحة العامة. أولئك الذين لا يحبهم الوجهاء ولا تدعوهم الجهات لمحافلها لأنهم لا يجيدون فن التمجيد. أولئك الذين لا يلهثون خلف زيادة أعداد المتابعين، ولا يتخذون الجانب بناء على قوة أحد الطرفين. بربكم اتركوا الكتابة للرحماء، للمتنورين، للمتعاطفين، اتركوا الكتابة لمن يكتب بضميره، لمن يكتب بقلبه، لمن يكتب بصدق، يكتب بشرف، يكتب بدون سبب غير الحق والعدل والوعي، أولئك الذين يعبرون عن آراء الضعفاء قبل الأقوياء، والفقراء قبل الأغنياء، والأقليات قبل الأكثرية. اتركوا الكتابة للذين لا تتلون مواقفهم بحسب التوجه العام والموجة القادمة. اتركوا الكتابة لمن يثني الناس عليه حينا، ويسخطون عليه حينا، لأن ذلك يعني بأنه يتخذ المواقف بحياد، ولا يبحث فقط عن الرضا والقبول. اتركوا الكتابة لغير المحسوبين على أحد، وغير المنتمين لأحد غير قناعاتهم وضمائرهم. أخيرا اتركوا الكتابة للشجعان الذين لا يخافون من أحد، بل يخافون على الأوطان والمبادئ والشرف من التملق والغي والتطبيل لأن عاقبتها لن ترضي أحدا.
وعليه فإنني أطالب بقانون يجرم التطبيل والتأجيج، قانون يردع المنافق ويؤدب المبالغ ويسكت الكاذب الطامع، وإن لم يكن قانونا فليكن تكاتفا اجتماعيا، فأي مطبل يثني ويمدح على ما لا يستحق، أو مدع للوطنية بتخوين كل ما يخالفه، أو متسلق على موجة بالتأجيج أو التهويل في سبيل لفت النظر وزيادة المتابعين، فعلى الصحف وجميع المنصات الإعلامية عدم النشر له، وعلى مشتركي وسائل التواصل الاجتماعي إلغاء متابعته وحظره والرد عليه بعبارة (لا نتابع المضللين)، وليعلم العالم كله أن القراء ليسوا ساذجين، وأن الواعين حاضرون، وأن صاحب المبادئ سيعود لترجح كفته ولو بعد حين، ولنا في ماضينا العامر بالمطبلين خير درس ودليل بماذا كانت مصائرهم وكيف ذكرهم التاريخ.
@hebakadi