لنعمل في صمت

الثلاثاء - 09 يناير 2018

Tue - 09 Jan 2018

لفترة من الزمن ليست بالقصيرة عزز في أنفس العديد منا ذلك الشعور المؤلم «أن للنجاح سلما واحدا فقط.. علينا أن نتناوب على القمة حتى وإن اضطررنا إلى الإطاحة بالآخر»، لست وحدك من أودع مثل هذه الأفكار في ذهنه وإنما الكثير، وللأسف ما زال العديد يحتضن أمثال هذه القناعات وحتى الآن على الرغم من الطفرات التي يشهدها العصر. عذرا عزيزي القارئ لسنا هنا من أجل أن نتناول الوسائل التي عززت هذه الأفكار المغلوطة في نفوسنا إلى وقت ليس بقصير، ولا من أجل أن نطيح بفلان تحت أصابع الاتهام، وإنما نحن هنا لنقول.. كفى.

النجاح كتلك الأرض الشاسعة مترامية الأطراف، لكل منا بقعته يزرع فيها ما شاء من بذور، ويعتني بها كيفما أراد حتى يصل إلى الصورة التي رسمها مسبقا في مخيلته، في المحصلة ستتعدد النتائج في النوع والجودة والكيفية بتعدد البشر، ولن يتشابه اثنان وهنا يكمن الجمال، وما العبرة من التكرار؟ والعالم قد سئم من النسخ المملة.

محاصيلنا تمثلنا بأدق التفاصيل، أعمالنا وإنجازاتنا في هذه الحياة لا بد أن نعتني بها جيدا لأنها تعكس كل مجهود بذل من أجلها. في حال أغلقنا أيدينا على حبوب الذرة على سبيل المثال.. لا أقول لأيام قليلة وحسب، وإنما لسنين طوال، وظللنا نتبادل أطراف الحديث مع من حولنا عن الآلية التي سنتبعها حتى تنبت تلك الحبوب في هيئة محصول ضخم.. حينما تحين اللحظة وبعد مضي تلك المدة كاملة نعاود النظر في البذور لنجدها كما تركت تماما، بل قد تتلف ونخسر كل شيء لأننا فقدنا الأساس.. هكذا من يمتلك أحلاما ولكن يمضي وقته حاملا مكبرات صوته يتغنى بما سيفعل ثم يعاود النوم في نهاية كل يوم، محصلة الأمر أن التغني لن يوصله لشيء بتاتا.. وهناك الآخر في ثبات أمام ما يقذفه به ذلك المتحدث من العبارات الجارحة، في ظل صمته زرع تلك البذور المتمثلة في الأهداف، وفي كل يوم ينهمك بالعمل على المحصول حتى تخور قواه، ومن ثم ينام ليرتاح جسده، فيما يظل عقله يعمل على الآلية لتحسين المحصول في الليلة التالية.. لتجده ينهض ويعاود العمل ويستمر في السعي بإصرار وعزيمة حتى يأتي يوم الحصاد الفعلي، وإن صح القول يأتي اليوم الذي تتغنى فيه إنجازاته.

لنعمل في صمت، ولنترك مكبرات الصوت، فهي لن تجدي نفعا في حال أتلفت حبوب الذرة في أيدينا، هكذا هي الأحلام والأهداف، لن تنتظر مطولا، فبكثرة الكلام ندفنها الواحدة تلو الأخرى.

أنجز بصمت، واترك جلباب التفاخر المجتمعي، لا تسع أن تبتاعه، فإنجازك سيحضره إليك (حتى أخمص قدميك).. اعمل من أجلك أنت أولا، ومن أجل أهدافك التي تتوق للخروج من خلف صفحات الكتب المغلقة، أو حتى أحلامك التي ظلت تصرخ ليالي طوالا من تحت اللحاف الدافئ.

الأكثر قراءة