محمد أحمد بابا

رايح جاي

الأحد - 07 يناير 2018

Sun - 07 Jan 2018

لو أن هناك تقنية تمكن الطموحين والمحبطين سويا من الرجوع للوراء لحد افتراضي - نصف عمر - ذلك المحبط - وربع عمر - ذلك الطموح لتمكن الطموحون من العودة للوراء لتصحيح وتقوية كثير من الأخطاء والتزود كذلك بوقود أقل تكلفة من الحاضر، ثم العودة بسرعة تفوق مشيتهم السابقة ليتداركوا بمرحلة من مراحلهم السابقة ما فاتهم وسيفوزون حتما.

أما المحبطون فسيجدون حالة تستوجب إحباطا أكثر مما هم عليه، فسيقتنعون بأن مرور الزمن رغم كمية المحبطات يجعل قرارهم باليأس خطأ، فربما تجبرهم صرخة المفاجأة حينها لاتخاذ خطوات طويلة يستخدمون فيها حيلة الفقراء.

لا أجد بدا من تصور الفضاء الذي يحيط بنا، والجاذبية الأرضية، وقدرة الإنسان على اكتشاف مغارات الكون، وكون الالتفاف حول الأرض والمجرات يعيد المنطلق من نقطة إليها مرة أخرى إن استمر في نفس المنوال، وأثر ذلك على الزمن وحسابه، كل ذلك ربما يأتي يوم يكون مادة لإمكانية العودة للوراء، ولو بأسوار بتصورات واستراتيجيات تمكن المفكرين من التحقق من التاريخ والوقوف على مكان العقدة.

قد يأتي فتح معلوماتي جديد يكسر قاعدة سجننا فيه معلمونا قديما حينما خوفونا وقالوا (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك).

ومثل أمل كل الشعوب أن تكون خطوطهم البرية ذات مسارين يذهبون في سلام ويعودون في أمان، فقد يسلك الناس بعد عصور في تعامل الزمن معهم وفق خيارين اثنين (رايح جاي).

هناك أعمال فنية عرضت في السينما والتلفزيون ترجمت هذا التفكير لمادة شاهدها الناس تقوم على فلسفة (إعادة الزمن للوراء) ولو على سبيل الخيال العلمي أو الفكاهي، فكان لنا معها تفاعل جعل بعضنا يغني حنينا لزمن ماض، وآخرون أطلقوا عليه زمن الطيبين، والبعض ضاق خوفا وفزعا من ماض لو اكتشفه أولاده لما صدقوا منه كلمة نصيحة ولا جملة تربية.

صحيح بأن مزيدا من الغوص في مسألة الزمن على الجهتين (رايح جاي) سابقا ومستقبلا يخضع لكثير من الغيبيات إلا نزرا من تأصيل المأثور، لكن التخطيط المستقبلي المعتمد على تجارب ماضية ومعطيات حالية وتوقعات قادمة هو معيار الوصول لأنجع الحلول في مشكلات شتى.

ولعل امتداد السياحة في الأرض يصل بالإنسان أن يتوقع رحلة للماضي يرى فيها ما قرأ عنه أو سمع به فيخبرنا بما لم تخبرنا به الكتب، ولعله كذلك قد يكون في زمن قادم ولو بعد وسيلة ربح لشركات السياحة حين يسمح الوضع بالسفر لزمن (رايح جاي) ماض أو مستقبل فيعيش المسافر تجربة غير التي هو فيها.

نحتاج ونحن نفكر أن نقيس مصداقية ما نحن فيه، ويصعب ذلك جدا دون أدوات ربط بين خطين للوراء وللأمام، ولما كانت طبيعة هذا الوقت تخيلات معيشية وعالما افتراضيا فإن الحاجة تكون ملحة أن نسعى قدما للإمساك بما قد أسميه (بانوراما) الماضي و(أبعاد) المستقبل في تقنية منطق وضوابط تفكير.

ليس ببعيد عن هذا نظرية (الدوران) وفلسفة (الفناء) ومعلومة (الاستعادة) للبحث في أصول الأشياء وتحول المكونات ثم الإنشاء في خلق آخر وتشكيلات مختلفة.

والله تعالى يقول: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) وهذا النص القرآني الكريم يسبح بنا في امتداد تصورات حتى يكون الحلم واقعا والرؤية حدثا والتخيلات طبيعة حياة.

وهنا أتوقف توجسا أن يبادرنا صباح يوم بحقيقة ملموسة ليست ذات عناء تنذرني بصوت نفس يقول: لا تكذب فالتاريخ يفضح.

@albabamohamad