الأمم المتحدة واعتياد الهوان

الجمعة - 05 يناير 2018

Fri - 05 Jan 2018

عادت بعثة الأمم المتحدة في اليمن مرة أخرى عبر منسق شؤونها الإنسانية، جيمي ماك غولدريك، لأداء ذات الدور المشبوه الذي ظلت تلعبه خلال الفترة الماضية، والانحياز للانقلابيين الحوثيين على حساب الحكومة الشرعية، ووجهت اتهاماتها غير المسنودة بأدلة للجيش الوطني اليمني والتحالف العربي بالتسبب في استمرار مأساة المدنيين، وطالبت في بيان هزيل المجتمع الدولي بالتدخل والضغط لوقف العمليات في كافة الجبهات لتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، وغير ذلك من الذرائع التي مل اليمنيون سماعها.

المؤسف أن المنسق الدولي الذي يفترض أن تقتصر مهامه على الجانب الإنساني والإغاثي فقط، أراد أن يلبس نفسه ثوبا سياسيا عندما تحدث عن الانقلابيين وأطلق عليهم مصطلح «سلطة الأمر الواقع»، وكأنه يريد من الشعب اليمني أن يخضع لتلك السلطة الانقلابية التي اغتصبت الشرعية، ويريد من المجتمع الدولي بأكمله أن يتجاهل القرار الدولي رقم 2216 الصادر عن مجلس الأمن بالإجماع، والذي شدد على أن حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي هي السلطة المعترف بها دوليا، وما عداها انقلابيون خارجون على الشرعية، وحدد بوضوح تام كيفية التعامل مع الأزمة.

هناك أسئلة ملحة تتقافز إلى ذهن كل متابع للوضع في اليمن عن مغزى هذا التوقيت الذي تزايدت فيه تحذيرات المنظمة الأممية من خطورة الوضع الإنساني في اليمن، فالثابت أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية كثف خلال الفترة الماضية من مساعداته للمدنيين، حتى في المدن المحاصرة التي يسيطر عليها الانقلابيون، وقد شاهد العالم كله على شاشات الفضائيات كيف أن طائرات التحالف كانت تلقي أطنان المساعدات من الجو على المدنيين. والإجابة على هذا التساؤل واضحة وهي أن المسعى الذي يقوده هذا المسؤول الذي لا يتمتع بحس المسؤولية يرمي إلى تحقيق هدف واحد فقط، هو وقف التقدم المتسارع الذي تحققه قوات المقاومة الشعبية والجيش الوطني، بدعم من طيران التحالف العربي وقواته، ومنح المتمردين فرصة لالتقاط الأنفاس، حتى يتسنى لهم تنظيم صفوفهم والعمل على استعادة المدن والمحافظات التي عادت إلى حضن الشرعية خلال الفترة الماضية. وتمكينهم من استلام الأسلحة التي تهربها لهم إيران وتناقصت أعدادها بعد أن شددت طائرات التحالف مراقبتها لميناء الحديدة.

ومن المفارقات أن ماك غولدريك نفسه تعرض قبل فترة إلى اعتداء من الحوثيين، عندما قرر زيارة مدينة تعز المحاصرة، إلا أن الانقلابيين رفضوا السماح له بالدخول، وعندما حاول تحدي أوامرهم لم يتورعوا عن إطلاق الرصاص على موكبه، مما أرغمه على العودة صاغرا من حيث أتى. فماذا نتوقع من مسؤول دولي يرضى لنفسه بمثل هذا الوضع الشائن؟

وماذا ننتظر من منظمة دولية متهالكة باتت غير قادرة على فرض الهيبة والاحترام لقراراتها، ولم تعد البيانات التي تصدر عنها تثير اهتمام أحد أو تلفت انتباهه؟

على قيادة الجيش اليمني وقوات التحالف ألا تلقي بالا إلى تلك الأصوات، وأن لا توقف عملياتها العسكرية، حتى تتم استعادة صنعاء، وأن تستمر في محاصرة الانقلابيين الذين بدأت قواتهم في الانكسار، ولاحت معالم الهزيمة واضحة أمام ناظريهم، بعد مقتل الآلاف من مرتزقتهم، فهذا هو السبيل الوحيد لاستعادة اليمن، وطرد عناصر إيران وعملائها، وإعادة السعادة لمحيا أبنائه.