الاختبارات تكشف جراح التعليم

الجمعة - 29 ديسمبر 2017

Fri - 29 Dec 2017

يدرك الجميع أن التعليم هو الركيزة الأولى لبناء المجتمعات، ومؤشر على سلامة رؤية مستقبل أجيالها، والتاريخ خير شاهد على كل ذلك، فالدولة الإسلامية في أوج نهضتها العلمية قد سادت الدنيا، والغرب لم يخرج من عصوره الظلامية إلا بالعلم والمعرفة، واليابانيون والألمان لم يتمكنوا من النهوض من كبوتهم إلا بسلاح العلم، والشواهد على ذلك كثيرة.

والحديث عن التعليم ذو شجون، فقد كتب عن همومه كل غيور دون أن يسمع له صوت، فعلى مدى عقدين من الزمان لم يحرك ساكن، سوى زيادة المخصصات المالية التي ذهبت في مهب رياح التجارب النظرية والمبادرات العشوائية دون إحداث أي تقدم يذكر، وما زالت دائرة التطوير مغلقة في تعليمنا إلى يومنا هذا، ومن باب الإنصاف يمكننا أن نستذكر تلك المحاولات الجادة لرجل التعليم الراحل الدكتور محمد الرشيد الذي وضع لبنات التغيير والتطوير دون بلوغ منتهاها، وحالت بينهما المكائد والحيل.

فتعليمنا أصبح ركيك المنظومة، ضبابي المضمون، مخرجات لا تتواءم مع احتياجات المجتمع، تجد طالبا في المرحلة المتوسطة لا يحسن القراءة والكتابة، أفرزته معايير التقويم (المستتر)، والذي محيت من قاموسه كلمة (راسب) وغابت عن أعينهم الدوائر الحمراء التي زرعت في أسلافهم الشعور بالمسؤولية منذ خطوطهم المبعثرة.

وبما أننا مقبلون على فترة الاختبارات وهي بلا شك ليست المقياس الحقيقي والوحيد لمعرفة المستوى الفعلي لتحصيلهم الدراسي، إلا أنها أحد أهم المؤشرات التعليمية، ووسيلة من الوسائل المهمة المستخدمة في قياس وتقويم قدرات الطلاب، ومعرفة ما وصل إليه مستواهم التحصيلي، ومن شدة حرص المسؤولين على الجوانب النفسية للطلاب حاولوا إزالة رهبتها فوقعوا في شراك الإهمال واللا مبالاة.

فلم يعد للاختبار هيبة، فهم في فسحة من أمرهم دون منغص لما هم فيه من عوالم افتراضية، فالطموح والتنافس أصبحا محدودين، والبقية ليس لهم هم إلا التجاوز من ضفة إلى أخرى، دون إدراك لما يخبئه لهم القدر والقدرات، فتكدسوا هنالك حاملين راياتهم البيضاء أملا في شفاعة تخلصهم من عالم المجهول.

وفي المقابل نجد بعض الشباب قد جعلوا من أيام الاختبارات مجالا لبعض السلوكيات المرفوضة، فالدوريات الأمنية تستنفر طاقاتها لمواجهة ظاهرة (التفحيط) والقيادة المتهورة، ومكافحة المخدرات تؤكد بأن مروجي السموم ينشطون في هذه الفترة، وغير ذلك كثير من الأمور التي تؤكد على غياب الوعي بأهمية التحصيل الدراسي.

وأخيرا فإن واقع الحال أننا لم نقبع في زمن الجور المفرط ولم نتقدم نحو التغيير المأمول، فتاهت بنا السبل، ولا مخلص لأجيالنا من هذا العبث إلا بعاصفة حزم تعيد للتعليم هيبته، لتزرع بواكير الأمل الذي طال انتظاره، فـ(التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدون له اليوم).. «مالكوم إكس».

الأكثر قراءة