جنون الأول والأفضل

الخميس - 28 ديسمبر 2017

Thu - 28 Dec 2017

أنا ثاني حفيد في عائلتنا من جهة الأب، وأول حفيد من جهة الأم، وأول واحدة في عائلتنا اسمها ريما، وأول واحدة من إخوتي أنادي والدي «أبوي» ووالدتي «أمي»، وأنا أول وأفضل.. وتطول القائمة.

إذا قرأت ما ذكر أعلاه وأنت تشعر بالملل، فهذا هو الشعور الطبيعي لأي شخص يقرأ سيرة أحدهم الملغمة بأول وأفضل.

الجميع يقدر ويحترم الشخص الطموح الذي يسعى لتحقيق النجاح، والفخر بالنجاح يكون بما يبذله الفرد من جهد وبما يحققه من إنجاز، وليس بالمكان أو الجماعة التي ينتمي إليها. إنه من المؤسف أننا أصبحنا نرى عددا لا بأس به يتفاخر بمركز أو تصنيف الجامعة الذي يدرس بها حاليا، أو قد تخرج فيها، أكثر من دراسته نفسها وما تعلمه منها. ويحرص كل الحرص أن يجعلك تحفظ مركز أو تصنيف الجامعة أكثر من اسم الجامعة.

وكأن مفهوم الفخر (غير المرغوب) انتقل من نطاق إلى نطاق الجامعة، ومن المؤسف أن ترى أحدهم يكتب في تويتر ليس من المهم أين تعمل بل في أي جامعة تخرجت!

الافتخار يكون بما أعطاك الله من نعم، وبما أنعم الله عليك من فرصة بأن تيسر لك إكمال تعليمك الجامعي أو الدارسات العليا. افتخر بأنك تدرس في مكان يساعدك على التعلم ويرضي طموحك. افتخر كيف استفدت من تواجدك في هذه الجامعة، وكيف طورت نفسك، افتخر كيف ساندك من حولك حتى حققت الدرجة العلمية، نطاق الفخر المحمود كبير ولا يمكن حصره.

وقد يلاحظ أن هذه «العنصرية الجامعية» - كما أود أن أشير إليها- متفشية داخليا أيضا، للأسف، وليست على مستوى المبتعثين فقط. فيقال - بدون أي إحصاءات- مخرجات جامعة «س» أفضل من مخرجات جامعة «ص»، أو يسأل أحدهم هل خريج جامعة «س» يستحق الوظيفة أكثر من خريج جامعة «ص»؟! ومن يسأل مثل هذا السؤال يجد من يخبره أن ذلك صحيح، ولربما زاد «من كيسه» بعض المزايا والمهارات التي لا يمكن أن توجد إلا في خريج «س».

جامعاتنا جميعها بلا استثناء – ولله الحمد - تسعى جاهدة لتطوير جودة برامجها ومخرجتها، واللحاق بركب التطور وما يحقق رؤية 2030.

أجمل ما في الإنجاز والإبداع أنه لا حدود له، وليس مقصورا على فئة معينة، ابذل جهدك في إيجاد ما يوافق ميولك وطموحك، واسع جاهدا أن تضع بصمة.

وتذكر: ليست الألقاب هي التي تكسب الناس المجد، بل الناس هم الذين يكسبون الألقاب مجدا «ميكافيللي».