أسطورة الفن الحضرمي الخليجي

الثلاثاء - 19 ديسمبر 2017

Tue - 19 Dec 2017

ترجل فارس الأغنية الحضرمية الخليجية أبوبكر سالم بلفقيه الذي ساهم بشكل كبير طيلة ستين عاما من العطاء الفني في رواج الأغنية الحضرمية وإعطائها بعدا إقليميا واسعا يتسع لمعظم الرقعة العربية، ولعل مساهمته الفعالة والجبارة في المزاوجة الفنية الإبداعية بين التراث الحضرمي الأصيل والفن الخليجي بصوته الشجي أعطته القدر الفني الكبير الذي جعلنا نسميه أسطورة الفن الحضرمي الخليجي.

صوت الفنان أبوبكر سالم صوت فريد في ذاته، يتسم بقدرته الفائقة على تعدد الطبقات الصوتية في حنجرته بشكل سلس وذائق، ولهذه السمة أعطي أبوبكر سالم جوائز عالمية في الصوت، لعل أهمها جائزة منظمة اليونسكو كثاني أجمل صوت في العالم من حيث الجواب والقرار في الأداء الصوتي، وقدرته الفائقة على تغيير درجات صوته بشكل موسيقي بديع، كما حصل مع الفنان عبدالحليم حافظ على جائزة الأسطوانة الذهبية في أثينا باليونان عام 1968.

تتمتع شخصية أبوبكر سالم بالحس الفني الرفيع، ولذا نجده يذوب رقة عندما يستمع إلى القصيدة أو الأبيات الإبداعية، كما أن لديه أسلوبه الخاص في إنشاد الشعر العربي، والمتابع للقاءاته التلفازية يجده رائعا في القدرة العجيبة على إجابة استفسار المذيع أو السائل بالاستشهاد بالأبيات العربية القديمة والمناسبة لواقع الحال، وهذا يقودنا إلى الحديث عن ثقافته العالية وقراءاته المتنوعة وحضوره القوي في الصوالين الأدبية أديبا حاضرا لا يقل شأوه عن الأدباء الجسام.

نعود بالحديث إلى فن أبوبكر سالم، ونجده مبدعا في الفنون التي خاض ميادينها بكل براعة واقتدار، فمن المعروف مثلا، أن اللون الصنعاني من أصعب الفنون أداء واتقانا، بينما أداء أبوبكر سالم له كان سلسا على حنجرة أبو أصيل، وكأنه تدرب عليه منذ نعومة أظافره، بينما الحقيقة أن إبداعه لـ(أحبة ربى صنعاء) و(رسولي قوم) و(قال المعنى لمه) و(وامغرد) كان صدفة بطلب خاص من بعض الفنانين في صنعاء، حيث أحبوا أن يستمعوا إلى لونهم الشعبي بإبداعه الصوتي فلبى لهم!

يتميز أبو أصيل بميزة لا تجدها إلا في فئة نادرة من الفنانين العرب، هذه الميزة هي قدرته الخارقة على كتابة الأغنية الشعرية وتلحينها وتوزيعها الموسيقي ثم غنائها، فتجد روائعه الخالدة كعادك إلا صغير، وما يحتاج يا عيسى، ويا بلادي واصلي، وصقر الجزيرة، من شعره الجميل وكلماته الراقية التي تتسم بالسهل الصعب في الآن الواحد.

اشتهر أبوبكر بوطنيته الفياضة وعروبته المتدفقة في شعره، وقد جمع شعره في ديوان وسمه بـ(ديوان شاعر قبل الطرب)، ولعل خالدته الوطنية الشهيرة يا بلادي واصلي جعلت التلفزيون السعودي يعيدها بشكل شبه يومي طيلة الأربعين عاما الماضية لما فيها من وطنية شاملة ومتكاملة للوطن، كما أن لديه أغاني وطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولعل إحداها مخصصة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي أهداه سيفا فاخرا من الذهب الخالص ما زال موجودا حتى الآن في منزله بالرياض، كما شدا لليمن بأغان وطنية خالدة، أشهرها أمي اليمن.