الشخصية النرجسية
الثلاثاء - 19 ديسمبر 2017
Tue - 19 Dec 2017
تقول أم سعد وهي سيدة في الخمسينات من عمرها إن زوجها طلقها ببساطة بعد شجار بينهما حين طلب منها أن تستلف من أخيها مبلغا ماليا له، فرفضت كونها لم تعد تستطيع تحمل هذه الديون التي حملها إياها، فقد باعت أرضها التي ورثتها وذهبها من أجله، وأصبحت في وضع حرج مع إخوتها وأقاربها بسبب الديون التي تكبدتها للصرف على سفرياته وسياراته ومصاريفه الشخصية التي لا يكفيها راتبه الكبير، غير عودته في آخر الليل ليوقظها طالبا طبخته المفضلة دون مبالاة.
أبو صالح هو الآخر يشتكي من ابنه خريج الجامعة العاطل الذي يطالب بسيارة فوق قدرات أبيه بحجة أنه ليس أقل من زملائه، غير مشاكله في البيت بالاستحواذ على بلاي ستيشن إخوته الصغار، وتكسير صحون المطبخ حين لا تعطيه أمه طلباته.
مثل هذه الأحداث نسمع عنها كثيرا بشكل أو بآخر، وكلها تدور حول حب الذات دون القدرة على الإحساس بالآخر، ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين، وهي من صفات الشخصية النرجسية.فالشخص النرجسي يحب نفسه دون الآخرين، وأفكاره وتصوراته دون الحقائق، فهو محور الكون الذي تدور الأحداث والأشخاص حوله، ومن أجله، وتلبية لرغباته وطموحاته وأفكاره، وإنه نوع خاص وفريد لا يمكن أن يفهمه إلا نوع خاص من الناس. ويصنف مع مجموعة اضطرابات الشخصية غير الناضجة، كونه طفلا وجدانيا رغم رشده جسديا وعقليا وزمنيا، فقد يكون ناجحا في عمله كمحاسب مثلا لكنه طفل في تعامله مع زملائه وعائلته.
فمن الطبيعي أن يرى الطفل أنه محور الكون، فهو لم يدرك بعد سوى نفسه وحاجاته التي تستجيب لها أمه دائما مع كل بكاء، على طريقة لكل فعل ردة فعل، ثم تشعره بالتدريج بوجود آخرين غيره لهم احتياجاتهم التي تتقاطع مع احتياجاته، فيتعلم تأجيل احتياجاته حسب الظرف، حتى يبلغ مرحلة 7-10 سنوات والتي يكتسب فيها الأخلاق، ويستطيع فيها الإحساس بالآخرين والخروج من إطاره لإطاراتهم، وهنا تلعب الأم دورا مهما في إخراج ابنها من شرنقة النرجسية، فعلى قدر ما تلبي احتياجاته للطعام والشراب والراحة يجب أن تلبي أيضا احتياجاته للنمو في شخصيته وأخلاقه والتي تستلزم عدم إعطائه فرصة للتلاعب بها، فوراء كل نرجسي أم لم تدربه على الصبر وتأجيل احتياجاته، فينشأ الخلل في شخصيته فلا يرى إلا نفسه، ولا يثق إلا بآرائه، خاصة الطفل البكر، أو الوحيد، أو الولد الوحيد مع أخوات بنات في مجتمع يمجد الذكور.
وللنرجسية شكل كمي ونسبي، فبقدر ما يستطيع الإنسان الخروج من إطار نفسه بقدر ما يستطيع تجاوز نرجسيته، وكلما كانت قدرته على الخروج خارج إطاره ضعيفة كان أكثر نرجسية وقد يصل الأمر إلى المرض العقلي أحيانا عندما لا يرى سوى نفسه، ويعيش في عالم خيالي من أفكار وضلالات العظمة والأهمية.وداخل كل إنسان شيء من النرجسية الطبيعية لكنه قادر على الخلاص منها في أقرب محك، فالرجل الشرقي المعتاد أن يعود لبيته فيجد كل سبل الراحة والاستقبال من زوجته، بمجرد أن تمرض زوجته يخرج من إطاره ويتحمل المسؤولية، فسلوكه سلوك اجتماعي جمعي لكن لديه القدرة والمرونة على الخروج منه، فالفارق بين الحالتين هو درجة سلوك الإنسان ومرونته وقدرته على الخروج منه.
ولا يمكن للنرجسي الارتباط بعلاقة ناجحة مع شخص طبيعي أو نرجسي مثله، فالعلاقة ستفشل قبل أن تبدأ، الشخص الوحيد القادر على التعايش معه هو الشخصية ذات الصفات المعاكسة، كأن يجد زوجة تابعة أو تشعر بالنقص والذنب، لكنها علاقة مرضية غير مستقرة وقد لا تدوم، فقد تصل لمرحلة تجد معها أنها لم تعد لديها القدرة على تقديم التنازلات فتبدأ العلاقة بالاضطراب، ويبدأ معها الزوج بالتخلي عنها، أو المناورة وتقديم التنازلات الشكلية الموقتة، وفي أفضل الحالات قد يعيد تقييم موقفه في حال عدم قدرته على الحياة بدونها ماديا أو اجتماعيا، فالنرجسي أناني متكبر لا يتحمل المسؤولية، مستغل مناور تتطور قدراته على المراوغة بتطور قدراته العقلية. لذا فمن الأهمية بمكان تربية الأطفال على الإحساس بالآخرين والتعاطف معهم، مع إيجاد نوع من النرجسية الصحية بتعزيز الثقة بالنفس القائمة على معرفة قدراته الحقيقية وتطويرها، وعلى الآباء عدم التردد في استشارة المختصين عند ملاحظة سلوكيات خارج الحدود الطبيعية على أبنائهم.
أبو صالح هو الآخر يشتكي من ابنه خريج الجامعة العاطل الذي يطالب بسيارة فوق قدرات أبيه بحجة أنه ليس أقل من زملائه، غير مشاكله في البيت بالاستحواذ على بلاي ستيشن إخوته الصغار، وتكسير صحون المطبخ حين لا تعطيه أمه طلباته.
مثل هذه الأحداث نسمع عنها كثيرا بشكل أو بآخر، وكلها تدور حول حب الذات دون القدرة على الإحساس بالآخر، ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين، وهي من صفات الشخصية النرجسية.فالشخص النرجسي يحب نفسه دون الآخرين، وأفكاره وتصوراته دون الحقائق، فهو محور الكون الذي تدور الأحداث والأشخاص حوله، ومن أجله، وتلبية لرغباته وطموحاته وأفكاره، وإنه نوع خاص وفريد لا يمكن أن يفهمه إلا نوع خاص من الناس. ويصنف مع مجموعة اضطرابات الشخصية غير الناضجة، كونه طفلا وجدانيا رغم رشده جسديا وعقليا وزمنيا، فقد يكون ناجحا في عمله كمحاسب مثلا لكنه طفل في تعامله مع زملائه وعائلته.
فمن الطبيعي أن يرى الطفل أنه محور الكون، فهو لم يدرك بعد سوى نفسه وحاجاته التي تستجيب لها أمه دائما مع كل بكاء، على طريقة لكل فعل ردة فعل، ثم تشعره بالتدريج بوجود آخرين غيره لهم احتياجاتهم التي تتقاطع مع احتياجاته، فيتعلم تأجيل احتياجاته حسب الظرف، حتى يبلغ مرحلة 7-10 سنوات والتي يكتسب فيها الأخلاق، ويستطيع فيها الإحساس بالآخرين والخروج من إطاره لإطاراتهم، وهنا تلعب الأم دورا مهما في إخراج ابنها من شرنقة النرجسية، فعلى قدر ما تلبي احتياجاته للطعام والشراب والراحة يجب أن تلبي أيضا احتياجاته للنمو في شخصيته وأخلاقه والتي تستلزم عدم إعطائه فرصة للتلاعب بها، فوراء كل نرجسي أم لم تدربه على الصبر وتأجيل احتياجاته، فينشأ الخلل في شخصيته فلا يرى إلا نفسه، ولا يثق إلا بآرائه، خاصة الطفل البكر، أو الوحيد، أو الولد الوحيد مع أخوات بنات في مجتمع يمجد الذكور.
وللنرجسية شكل كمي ونسبي، فبقدر ما يستطيع الإنسان الخروج من إطار نفسه بقدر ما يستطيع تجاوز نرجسيته، وكلما كانت قدرته على الخروج خارج إطاره ضعيفة كان أكثر نرجسية وقد يصل الأمر إلى المرض العقلي أحيانا عندما لا يرى سوى نفسه، ويعيش في عالم خيالي من أفكار وضلالات العظمة والأهمية.وداخل كل إنسان شيء من النرجسية الطبيعية لكنه قادر على الخلاص منها في أقرب محك، فالرجل الشرقي المعتاد أن يعود لبيته فيجد كل سبل الراحة والاستقبال من زوجته، بمجرد أن تمرض زوجته يخرج من إطاره ويتحمل المسؤولية، فسلوكه سلوك اجتماعي جمعي لكن لديه القدرة والمرونة على الخروج منه، فالفارق بين الحالتين هو درجة سلوك الإنسان ومرونته وقدرته على الخروج منه.
ولا يمكن للنرجسي الارتباط بعلاقة ناجحة مع شخص طبيعي أو نرجسي مثله، فالعلاقة ستفشل قبل أن تبدأ، الشخص الوحيد القادر على التعايش معه هو الشخصية ذات الصفات المعاكسة، كأن يجد زوجة تابعة أو تشعر بالنقص والذنب، لكنها علاقة مرضية غير مستقرة وقد لا تدوم، فقد تصل لمرحلة تجد معها أنها لم تعد لديها القدرة على تقديم التنازلات فتبدأ العلاقة بالاضطراب، ويبدأ معها الزوج بالتخلي عنها، أو المناورة وتقديم التنازلات الشكلية الموقتة، وفي أفضل الحالات قد يعيد تقييم موقفه في حال عدم قدرته على الحياة بدونها ماديا أو اجتماعيا، فالنرجسي أناني متكبر لا يتحمل المسؤولية، مستغل مناور تتطور قدراته على المراوغة بتطور قدراته العقلية. لذا فمن الأهمية بمكان تربية الأطفال على الإحساس بالآخرين والتعاطف معهم، مع إيجاد نوع من النرجسية الصحية بتعزيز الثقة بالنفس القائمة على معرفة قدراته الحقيقية وتطويرها، وعلى الآباء عدم التردد في استشارة المختصين عند ملاحظة سلوكيات خارج الحدود الطبيعية على أبنائهم.