الإنسانية هي التخلي عن جزء منك!

الخميس - 30 نوفمبر 2017

Thu - 30 Nov 2017

في الرواية الفرنسية (البؤساء) وباللغة الفرنسية التي تروي عن الحياة الاجتماعية المحبطة للفرنسيين بعد سقوط (نابليون) في عام 1815، والثورة التي جرت ذيل الفشل ضد الملك (لويس فيلييب) في عام 1832، خلال هذه الفترة كان هناك شخص يدعى (جان فالجان) تعرض لكثير من التعذيب في حياته، بدءا من سرقة رغيف خبز لسد احتياج عائلته والحكم عليه 5 سنوات لتصل المدة إلى 19 سنة بعد محاولات الهرب لكي يعتني بعائلته، بعد خروج (جون فالجان) من السجن تم الاتفاق بالرفض القاطع له من المجتمع، واستقبله شخص يدعى (ميريل) وكرمه واستضافه في بيته وأطعمه إلا أن صديقنا لم يتعلم من السجن رغم المدة الطويلة التي قضاها فيه، وفي نفس الليلة سرق (جان فالجون) من البيت الذي استضافه أواني فضية، وعند الهرب حال بينه وبين الباب صاحب المنزل، ولم يتردد صديقنا في ضرب الرجل الذي استقبله ولاذ بالفرار، وقبضت عليه الشرطة وادعى أن صاحب المنزل (ميريل) هو الذي أعطاه الأواني الفضية، وبعد سؤال صاحب المنزل عن صحة ما قال السارق، كانت الإجابة غير المتوقعة وأكد صاحب المنزل أن ما قاله السارق صحيح، وأنه أيضا نسي أن يعطيه شمعداني الفضة بجانب الأواني! لتكون بمثابة الصدمة للسارق وبمثابة الماء البارد الذي سكب على وجهه!

وأصبحت نقطة تحول في حياته، فأصبح (جون فالجان) الذي كان سارقا من أثرياء الناس وعمدة لإحدى المدن الفرنسية، وبدد جميع ثرواته على مصنع يضم عاملات فقيرات وتبنى فتاة يتيمة تدعى (كوزيت).

وفي سيرة الرسامة المشهورة الأمريكية (مارغريت كين) في فترة الخمسينيات والتي لاقت رسماتها التي تمتاز بالعيون الكبيرة انتشارا كبيرا وشهرة واسعة قبل أن تلتقي بزوجها (والتر كين) وأقنعها أن النساء في تلك الفترة عليهن بتربية الأبناء وترك الأمور المادية للرجال، وتمثلت هذه القناعة أن ترسم اللوحة وتضعها بتوقيع زوجها لكي يعتقد الناس أنه هو من رسم اللوحة، وكانت تجلس في البيت لأسابيع وأحيانا أشهر من العناء والتعب في رسم لوحة واحدة، ويأتي زوجها وبكل بساطة ويتفاخر بعمله الواهم بأنه من فعلها! وبعد كثرة التعب والإرهاق الذي حصل لمارغريت أخفقت في محاولة رسم لوحة تنافس لوحة (الموناليزا)، وجن جنون زوجها المحتال وحرق البيت بما فيه على زوجته وابنته، نعم استطاعت الهروب هي وابنتها من الحريق ولم تحترق (مارغريت) في المنزل ولكن الذي احترق هو قلبها! واستيقظت من غفلتها وأكدت للعالم أنها هي من كانت ترسم، وفي لحظة اختبار داخل المحكمة طلب القاضي أن ترسم هي وزوجها «خلال الجلسة» داخل المحكمة، حتى انكشف الزوج وعرف العالم من هو صاحب اللوحات الحقيقي!

قد يختلف البشر بالمذاهب والأديان والآراء، لكن البشر الحقيقيين هم من يتفقون في المشاعر والتضحيات وحب مساعدة الغير، فإن تعطي جزءا من جسمك لشخص لم تعرفه ولم ترتبط بينكما أي صلة قرابة، والمشترك الوحيد بينكما هو أنكما فقط بشر! فهذا يعتبر قمة الإنسانية، وتجلى مثل هذا الموقف الإنساني في مبادرة مواطن سارع بالتبرع بكليته، ليضرب أروع مثال في الإنسانية، ولينهي معاناة الطفل «خالد» الذي عانى من الفشل الكلوي، عقب النداء الإنساني الذي أطلقته الأميرة فهدة بنت فهد عبر حسابها في «تويتر» بشأن حاجة الطفل خالد لمتبرع.

وإن لم تتفهم معنى الإنسانية في المقال فيكفيك أن تقرأ ترويسة صحيفة مكة على حسابها في تويتر وأعتقد أنه سيكون منصفا بالنسبة لك.

الأكثر قراءة