الفساد يطل عبر نافذته الخلفية
الثلاثاء - 21 نوفمبر 2017
Tue - 21 Nov 2017
ما إن تعلن الأرصاد الجوية خبرها المعهود بتلبد السماء بالغيوم، وتراكم قطع السحب فيها منذرة بانهمار الأمطار حتى يستبق سكان حيي الأجواد والسامر الخطى لأقرب صيدلية يبتاعون منها أقراصا تهدئ من روعهم وتسكن فزعهم، وإلى أن يغلب النعاس أجفان أبنائهم فيغطون في نوم كئيب مما غشيهم من ذعر لا حيلة لهم فيه لمنعه وصده، يحاول الآباء حينها تكرار النداء والاتصال على من يهمه أمرهم لعلهم يجدون من يخفف عنهم هلعهم، ويخمد توجسهم، فينقذهم مما هم فيه من رعب ووجل، لكن هيهات أن يستيقظ الميت من سباته العميق مدى الدهر.
إن إرغام النفس على الخلود إلى النوم هو أفضل وسيلة لطرد الأوجاع وشبح الخوف، فتجرع ترياق النوم أفضل من تجرع الآلام التي يخلفها تدفق المياه إلى منازلهم.
قصص مأساوية تتكرر كل موسم أمطار، وأحداث فاجعة مستقاة من واقع عايشه السكان طيلة خمسة عشر عاما أو تزيد، كانوا يمنون فيها أنفسهم بقادم أيام أفضل وأجمل، أملا في أن يلتفت إلى حاجتهم وافتقارهم أحد ممن تقلد منصبا أوكلت إليه المسؤولية لينهي ويزيح عنهم معاناة ظلت تترقبهم على الدوام، لأزمة تبعات الأمطار تلك، لكن تمر الأيام والشهور والسنون وحالهم باق على ما هو عليه، ولا حياة لنداءاتهم المتكررة.
منازل تحاصرها المياه من كل حدب وصوب حصارا مطبقا، مفرهم الوحيد هو اللجوء إلى أسطح منازلهم بعد اللجوء إلى الله تضرعا وخيفة، بحيث لا يمكن الخروج من ذلك المأزق إلا بانتشالهم عبر طائرات عمودية تغيثهم، أو قوارب مطاطية تنقذهم، ولسان حالهم يقول: أيعقل أن تكون هذه العروس التي تغنى بها الشعراء والأدباء (جدة يا عروس البحر)؟
شعور لا يمكن أن يوصف، فتوالي الأزمات المتتابعة سنويا كفيل ببث الرعب في نفوس الآباء قبل الأبناء. مواقف عسرة، آلامها شديدة البؤس يصعب العلاج منها، فارتباط الفزع والخوف بمرحلة عمرية لا يمكن أن يزول بتقادم السنين أو يمحى من ذاكرة الطفل التي تغلغلت فيها تلك المشاهد المفزعة، فقد تولدت لديهم قناعة بأن توسلات الآباء لم يلتفت إليها أحد، فهم على شاكلة آبائهم سيبقون ليتعايشوا مع واقع ذلك الرعب بقية حياتهم.
في مقال سابق سطر عبر هذه الصحيفة بعنوان (بتنا نخشى المطر) بتاريخ 14 من شهر ذي القعدة وجهت نداء صارخا بمثابة استغاثة بحت فيه الأصوات والحناجر لكثرة النداءات وطلب الغوث في إنقاذ الموقف وسرعة إدراكه قبل أن يتعاظم فتقع الكارثة، حيث أوضح ذلك المقال بعضا من معاناة السكان المستمرة مع الأمطار، لكن وللأسف كما هي العادة لم يستجب لتلك النداءات أحد فلم تفلح مناشداتهم عبر منابر الإعلام والصحف اليومية، كما لم تفلح من قبل مناشدة المسؤولين عبر القنوات الرسمية.
وها هي المأساة تتكرر وتحل بهم كسابق عهدها مرة أخرى ككل الأعوام السابقة التي تجرعوا فيها جميع أصناف الألم والخوف على نسائهم وفلذات أكبادهم. السؤال الذي ما زال يبحث عن إجابة: هل يعقل أن يكون هذا هو الحال رغم الإمكانات التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين في مملكة الإنسانية؟ رغم الطاقات التي يفترض أنها جندت للقيام بدور يستبق وقوع الكارثة، واقع الفساد ينبئ خلاف ذلك.
إن الأعمال التي أنجزت من قبل أمانة جدة في هذه المنطقة والتي كللت بحدائق ومتنزهات جذابة لاقت بعض الرضا والاستحسان، غير أن سكان تلك الأحياء هم أحوج ما يكونون إلى أمر أهم وأرفع، وهو منع خطر تبعات الأمطار وتجمع المياه التي داهمت منازلهم وممتلكاتهم، فحماية الأرواح والممتلكات أعظم وأجل من تلك الأرصفة المرصوصة والحدائق الغناء.
إن إرغام النفس على الخلود إلى النوم هو أفضل وسيلة لطرد الأوجاع وشبح الخوف، فتجرع ترياق النوم أفضل من تجرع الآلام التي يخلفها تدفق المياه إلى منازلهم.
قصص مأساوية تتكرر كل موسم أمطار، وأحداث فاجعة مستقاة من واقع عايشه السكان طيلة خمسة عشر عاما أو تزيد، كانوا يمنون فيها أنفسهم بقادم أيام أفضل وأجمل، أملا في أن يلتفت إلى حاجتهم وافتقارهم أحد ممن تقلد منصبا أوكلت إليه المسؤولية لينهي ويزيح عنهم معاناة ظلت تترقبهم على الدوام، لأزمة تبعات الأمطار تلك، لكن تمر الأيام والشهور والسنون وحالهم باق على ما هو عليه، ولا حياة لنداءاتهم المتكررة.
منازل تحاصرها المياه من كل حدب وصوب حصارا مطبقا، مفرهم الوحيد هو اللجوء إلى أسطح منازلهم بعد اللجوء إلى الله تضرعا وخيفة، بحيث لا يمكن الخروج من ذلك المأزق إلا بانتشالهم عبر طائرات عمودية تغيثهم، أو قوارب مطاطية تنقذهم، ولسان حالهم يقول: أيعقل أن تكون هذه العروس التي تغنى بها الشعراء والأدباء (جدة يا عروس البحر)؟
شعور لا يمكن أن يوصف، فتوالي الأزمات المتتابعة سنويا كفيل ببث الرعب في نفوس الآباء قبل الأبناء. مواقف عسرة، آلامها شديدة البؤس يصعب العلاج منها، فارتباط الفزع والخوف بمرحلة عمرية لا يمكن أن يزول بتقادم السنين أو يمحى من ذاكرة الطفل التي تغلغلت فيها تلك المشاهد المفزعة، فقد تولدت لديهم قناعة بأن توسلات الآباء لم يلتفت إليها أحد، فهم على شاكلة آبائهم سيبقون ليتعايشوا مع واقع ذلك الرعب بقية حياتهم.
في مقال سابق سطر عبر هذه الصحيفة بعنوان (بتنا نخشى المطر) بتاريخ 14 من شهر ذي القعدة وجهت نداء صارخا بمثابة استغاثة بحت فيه الأصوات والحناجر لكثرة النداءات وطلب الغوث في إنقاذ الموقف وسرعة إدراكه قبل أن يتعاظم فتقع الكارثة، حيث أوضح ذلك المقال بعضا من معاناة السكان المستمرة مع الأمطار، لكن وللأسف كما هي العادة لم يستجب لتلك النداءات أحد فلم تفلح مناشداتهم عبر منابر الإعلام والصحف اليومية، كما لم تفلح من قبل مناشدة المسؤولين عبر القنوات الرسمية.
وها هي المأساة تتكرر وتحل بهم كسابق عهدها مرة أخرى ككل الأعوام السابقة التي تجرعوا فيها جميع أصناف الألم والخوف على نسائهم وفلذات أكبادهم. السؤال الذي ما زال يبحث عن إجابة: هل يعقل أن يكون هذا هو الحال رغم الإمكانات التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين في مملكة الإنسانية؟ رغم الطاقات التي يفترض أنها جندت للقيام بدور يستبق وقوع الكارثة، واقع الفساد ينبئ خلاف ذلك.
إن الأعمال التي أنجزت من قبل أمانة جدة في هذه المنطقة والتي كللت بحدائق ومتنزهات جذابة لاقت بعض الرضا والاستحسان، غير أن سكان تلك الأحياء هم أحوج ما يكونون إلى أمر أهم وأرفع، وهو منع خطر تبعات الأمطار وتجمع المياه التي داهمت منازلهم وممتلكاتهم، فحماية الأرواح والممتلكات أعظم وأجل من تلك الأرصفة المرصوصة والحدائق الغناء.