لنحافظ على مبدأ الملك سلمان!

الأربعاء - 15 نوفمبر 2017

Wed - 15 Nov 2017

لا تزال ذاكرتي عالقة بكلمات في غاية الأهمية، تمس مباشرة محتوى المقال، كانت للملك سلمان عشية توليه مقاليد الحكم في الثالث والعشرين من شهر يناير 2015.

قال الملك سلمان ما نصه «... ونؤكد حرصنا على التصدي لأسباب الاختلاف، ودواعي الفرقة، أو التنافر، بين مكونات المجتمع، والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع، بما يضر بالوحدة الوطنية..».

باختصار، الملك سلمان، يقول، ونحن معه نقول مرة أخرى وثالثة ورابعة: الوطن يتسع للجميع، فكفاية من هذا الضجيج، ومن هذا التراشق، غير المحمود، الذي يدفع بنا بعيدا عن أدب الخلاف، واحترام الرأي المخالف، فنمط الفكر الإقصائي، وخطاب الكراهية، والوصاية، لم يعد الزمان زمانه، ولا الظروف ظروفه، ولا الناس ناسه، إذ مع الوعي المجتمعي المطرد لم يعد بالإمكان أن يخضع أفراده ونخبه لمثل هذه الذهنيات المريضة والمستبدة.

الوطن يتسع للجميع، يتسع للتنوع الفكري والثقافي، يتسع للرأي والرأي المخالف، لا يمكن منطقيا ولا أدبيا إخضاع الأفكار والرؤى لقالب واحد، أو مسار سياسي أو فكري بعينه، يحجب كل ما سواه، تحت مظلة المراوحة الفكرية، وقمع التعددية، وقلب الحقائق، وتزييف الذهنيات.

جمالية المشهد، وأناقته ومصداقيته في التنوع الثقافي والفكري الحاضن لكل مكونات المجتمع وأطيافه، ونخبه. ففيه تفاعل وتلاقح وتكامل ينتج في الغالب أفكارا جديدة، وجيدة، وواعدة، لقراءة ونقد وسبر وتمحيص وغربلة واقعنا وأفكارنا وتموضعاتنا ومناشطنا وانفتاحنا على معطيات الحضارة والثقافة الإنسانية. وهذا يشي بنهضة فكرية ومعرفية، لا حدود لومضاتها وأنوارها وإبداعاتها في كل جوانب وشؤون الحياة.

من المؤسف ما يجري في ساحة الرأي السعودية من التراشق بسقيم القول والكلام، المصاحب لخطاب بعض النخب الفكرية والثقافية، على وقع تصنيفات فكرية ودينية مصطنعة! لا تستند إلى معايير دقيقة! تستخدم في الغالب كسلاح لكسر شوكة المخالف وتركيعه، وتجريحه وتصفية الحسابات معه على نحو من العنف الفكري غير المسبوق الموغل أكثر في مستنقع الكراهية والتشويه والتحريض والإقصاء وحتى التخوين.

هذا المنزلق الفكري الخطير، في حدته وقسوته، لا يتبناه في تقديري إلا من غلبه هوى النفس وأهواؤها، فضرب عرض الحائط بمهنية الكلمة وشفافيتها، وبالحقوق المادية والأدبية لمخالفيه! وقبل ذلك بمقومات التعايش الفكري مع الذات الجمعية للمجتمع السعودي، في مقابل ثمن بخس: مصالح سياسية وفكرية ومالية ضيقة وخاطئة، دون وعي وإدراك ومسؤولية بالآثار الكارثية لمثل هذه السلوكيات المشينة على نسيجنا الفكري والاجتماعي، المأزوم أصلا!

نحن بحاجة إلى فعل إيجابي مؤثر لتهيئة مشهدنا الثقافي والإعلامي لتقبل واحترام الآخر، يستطيل إلى وعي أكثر اتساعا ونضجا بأهمية التعايش تحت مظلة التنوع والتعدد الثقافي، وقيم الاختلاف والتصادم الفكري، وأكثر إلماما بمخاطر الوصاية الفكرية، بمحتواها الانتهازي والمتسلط، والمتسلق والوصولي، كأحد أبرز معوقات النهضة واليقظة الفكرية والمعرفية.

يقول أحد الفلاسفة: قد أختلف معك في الرأي، ولكني على استعداد أن أموت دفاعا عن رأيك. فهل ندرك أهمية تقبل الآخر، والتعايش معه، واحترام رؤاه!