محمد العوفي

4 نوفمبر في ذاكرة السعوديين

الاثنين - 06 نوفمبر 2017

Mon - 06 Nov 2017

ستخلد ذاكرة السعوديين يوم السبت الماضي 4 نوفمبر بداية فعلية لمحاربة الفساد واجتثاث المفسدين، وسيرسخ في أذهانهم أنه لا أحد في مأمن من المحاسبة والمساءلة في حال تورطه في قضايا فساد مالي وإداري، وأن المناصب والأسماء لن تمنح صاحبها حصانة ضد يد العدالة، وأن الجميع متساوون أمام النظام والقانون، وأن عصر التكسب من الوظيفة العامة واستغلال النفوذ الوظيفي والإثراء غير المشروع ولى إلى غير رجعة.

هكذا قرأ السعوديون وفهموا الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله - القاضي بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة من أجل متابعة قضايا المال العام ومكافحة الفساد، وما صاحبه من إيقاف لجنة مكافحة الفساد عددا من الأمراء والوزراء السابقين، وأربعة وزراء حاليين، كما نشر في مواقع إخبارية وصحفية، إذ لا يمكن فهمه إلا في سياق إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح وفق مقتضى الشرع والنظام الأساسي للحكم وتغليب المصالح العامة على المصالح الخاصة، وأن قضايا الفساد العام لا تسقط بالتقادم.

إذ نص الأمر الملكي أن سبب تشكيل هذه اللجنة يعود إلى «وجود استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، مستغلين نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة».

هذه الخطوة النوعية في اجتثاث الفساد شكلت خارطة طريق لمكافحة الفساد، ومهدت الطريق للوصول إلى فساد الإدارات التنفيذية وعلاقتها بكثير من المشاريع المتعثرة، لأن شيوع الفساد في مستوى القيادات والإدارات العليا - كما أشرت في مقال نشر في 14 نوفمبر بعنوان «ملاحقة الفساد تبدأ بكبار المسؤولين» - أكثر خطرا على التنمية والمجتمع، لأنه مدعاة لانتشار الفساد واستشرائه في الإدارات الدنيا والتنفيذية، لا سيما أن كثيرا من قضايا الفساد المالي والإداري التي يتم اكتشافها يكون صغار الموظفين كبش الفداء فيها، وتبقى الرؤوس الكبيرة في مأمن من العقوبات.

لكن هذه المرة بدأت مكافحة الفساد أكبر حجما وأكثر تأثيرا، إذ بدأت بهرم الأجهزة التنفيذية، وطبقت بشكل صريح نص الأمر الملكي الذي أسست «نزاهة» بموجبه، والذي أكد على عدم استثناء كائن من كان، كما أنها انتقلت إلى مرحلة المساءلة والمحاسبة الفعلية، وهي المرحلة الأهم في سياق مكافحة الفساد لأنها ستعتمد على الأدلة والقرائن التي تؤكد التهم المنسوبة لهم.

يوم السبت الماضي انطلقت مرحلة جديدة من التنمية لا مكان للفساد والفاسدين فيها، وستحقق بإذن الله أهدافها دون عراقيل، لأن الفساد والتنمية متضادان لا يمكن أن يلتقيا، فلا تنمية في ظل وجود الفساد، وأن 4 نوفمبر شرعن لمرحلة ترتكز على العدالة والمساواة وحماية حقوق الأفراد والجهات الاعتبارية والمال العام.