فاتن محمد حسين

الجمعيات الخيرية.. الدور والقيمة المضافة

الأربعاء - 01 نوفمبر 2017

Wed - 01 Nov 2017

في بادرة إنسانية لافتة تبرع ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان ـ حفظه الله - من حسابه الخاص للجمعيات الخيرية بالمملكة، حيث ابتدأها بالرياض بمبلغ 23 مليون ريال، ثم منطقة مكة المكرمة بـ15 مليون ريال.. وهكذا بقية المناطق: المدينة المنورة، والقصيم، والشرقية، وحائل.. استكمالا للعطاء الخيري الذي يساهم في جعل تلك الجمعيات قادرة على النهوض بدورها في رعاية الفقراء والأرامل وكبار السن والأيتام وذوي الحاجة من أسر السجناء وغيرهم.. وكان الدعم بما يتناسب مع عدد الجمعيات في المنطقة والأعداد المستفيدة، والفئات المتنوعة.

ولم تكن تلك المبادرة من سموه إلا لإدراكه وتفهمه لاحتياجات المجتمع، وهو رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه العمل الخيري والتضييق عليه عالميا؛ خوفا من استغلال تلك الموارد في عمليات مشبوهة وغسيل أموال ونحوها.. مما حدا بالجهات الأمنية المختصة وضع ضوابط دقيقة وإجراءات صارمة على الجمعيات الخيرية.. ومنها منع التبرعات والدعم اليدوي مطلقا، وإلزامها بسجلات ومستندات مالية وملفات الحسابات والمراسلات المالية وصور الوثائق والهويات الوطنية للمتعاملين معها لمدة لا تقل عن (10 سنوات). وفي حال الاشتباه بأي مورد ضروري إبلاغ وحدة التحريات المالية بوزارة الداخلية فورا.. وغيرها من الإجراءات التي تكشف ذلك المورد وتحمي الجمعية من أية أموال مشبوهة.

إن عمل الجمعيات الخيرية لا ينحصر في تقديم الدعم الاجتماعي بل لديها مسؤولية في توظيف الكوادر البشرية المؤهلة، وبذلك تقضي على جزء من البطالة وهو ما تسعى إليه الدولة في سياستها. وكذلك في استثمار الخبرات والمهارات التطوعية في برامجها بدافع من الانتماء الوطني والشعور بالولاء، مما يعزز العلاقة والثقة بين الحكومة والشعب.

وحتى وإن كانت هناك بعض الأوقاف لدى قلة من الجمعيات، فهي تنفقها على الاحتياجات الاجتماعية مثل الأسر المحتاجة، والفقراء، والأرامل والأيتام، والإسكان، والمرضى من ذوي الأمراض المزمنة.. وبعضها لديه برامج لدعم الأسر المنتجة، وفتح أبواب اقتصادية متنوعة للمرأة.. فهي بذلك تشارك الدولة في مسؤوليتها تجاه هذه الشرائح الاجتماعية. وبهذه المهام يجسر القطاع الثالث الشراكة في المسؤولية المجتمعية بين الشعب والحكومة مما يساهم في تعزيز الأمن الاجتماعي واستقرار الدولة وأمنها.

وحينما صدرت القيمة المضافة وهي: النظام الضريبي الذي سيطبق بحلول عام 2018، اعتبرت من الأنظمة الجديدة التي لم يعتد السعوديون على التعامل معها؛ فهي نظام يحتاج إلى الكثير من التوضيح من الجهات ذات العلاقة للمواطنين وموظفي الإدارات للتقليل من الاجتهادات والإشاعات حولها.

ولعل من الإنصاف للجمعيات الخيرية إعفاءها من القيمة المضافة على جميع الخدمات، فهي التي تعرف بأنها (القطاع غير الربحي)؛ وهي منظمات القطاع الثالث التي تعد مكملة لمسؤوليات ومهام القطاع الحكومي في التنمية الاجتماعية.

فإذا علمنا أن الجمعيات الخيرية تعاني - بالإضافة إلى الضائقة المالية - من ارتفاع في فواتير الكهرباء والتي تبلغ عشرات الآلاف من الريالات شهريا، بالإضافة إلى فواتير المياه الجديدة؛ فشركة المياه الوطنية لم تكتف بسلخ المواطن في عدادات خاطئة، وفواتير باهظة أقضت مضجعه.. بل امتد الألم للجمعيات الخيرية وهي التي كان من المفترض ـ ومن باب المسؤولية الاجتماعية - أن تعفى من الدفع.

لذا ومن هذا المنبر نأمل من أصحاب القرار إعفاء الجمعيات الخيرية من رسوم الكهرباء والماء.. بل وإعفاؤها من قيمة الضريبة المضافة فيما لو أقرت عليها.. خاصة وأن بعضها يعاني من عجز مالي لعدم وصول الدعم المستحق لها من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية من عام 1437 وحتى الآن. وإذا كانت الجمعيات الخيرية تسعى لبرامج التنمية المستدامة فكيف يتسنى لها ذلك في ظل دفع قيمة مضافة تستهلك جزءا من الدخل؟!

@Fatinhussain