كلنا خائفون من الحب

الأربعاء - 25 أكتوبر 2017

Wed - 25 Oct 2017

قمت بعمل استفتاء في تويتر للرجال والسيدات بخصوص أولوياتهم في اختيار شريك الحياة. كانت الصيغة للنساء (تتزوجي من الشخص اللي: 1- يحبك. 2- تحبيه. 3- فلاوي يبسطك. 4- غني يرفهك). في حين كانت الصيغة للرجال (تتزوج المرأة اللي: 1- تحبك. 2- تحبها. 3- جذابة تبهرك. 4- طيبة تريحك). شارك في الاستفتاء من النساء 1297، ومن الرجال 1424، لتخرج النتيجة في النهاية بنسبة 47% لاختيار (يحبك) للنساء، ونسبة 38% لاختيار (طيبة تريحك) للرجال.

أثار مقالي الأسبوع الماضي بعنوان (سعوديات بدون سعوديين) الكثير من ردود الفعل من حيث تأييد الكثير من السيدات، في مقابل البعض من الرجال الذي علق عليه بأنه متحيز ضدهم. وعليه فقد قمت بعمل هذا الاستفتاء في محاولة حثيثة وصادقة للتعرف على مكمن الخلل والقصور في علاقة الرجل والمرأة في مجتمعاتنا، مع اقتناعي أنها أزمة فكرية تتعلق بعدم قدرتنا على مواكبة تطورات العصر بسبب تجذر معتقدات وقناعات حياة الآباء والأجداد في برمجتنا وتركيبتنا الجينية والعقلية، وعليه فنحن جميعا الآن ندفع الثمن رجالا ونساء.

وأحب أن أؤكد عزيزي الرجل أنني متعاطفة معك جدا، فإن كانت المرأة حرمت حق الاختيار والكرامة، وأجبرت على تهميش ما تريد والتركيز على إعطاء الآخرين ما يريدون، فإنكم أنتم الرجال حرمتم حقكم الإنساني في التعبير عن مشاعركم، والتواصل بها بكل عفوية وسلاسة، حتى تحولت إلى قسوة وجفاء وعجز عن التعبير دمركم داخليا ودمر معه فرصتكم للحب وعيش علاقة المودة والرحمة والسكن بأهليتها الكاملة ومتعتها الغامرة.

تخبرنا النتيجة التي خلص إليها الاستفتاء إلى هيمنة الفكر الجمعي على اختياراتنا وآرائنا تجاه أمور حياتنا. فاختيار الغالبية من النساء للرجل الذي (يحبك) مستدلين على المثل المتوارث (خدي اللي يحبك) مفترضين أن مشاعرهم ستأتي كنتيجة حتمية وطبيعية لمشاعر الرجل.

في حين أن معطيات الحاضر وانتشار مقولات وآراء الاستقلالية وحب الذات دفعت إلى عدم رغبة المرأة في المغامرة عاطفيا بإعطاء الحب لمن يمكن ألا يحبها بالمقابل أو يتركها لمن هي أجمل أو يتزوج عليها، وحينها ستترك مجروحة القلب، خالصة إلى نتيجة أنه لا أمان في حب الرجل.

أما اختيار غالبية الرجال لخيار (طيبة تريحك) يدل على استمرار هيمنة فكر أن المرأة أداة راحة ومسخرة للرجل لتقوم به وتكون عند احتياجاته. ولن أعترض أو أحاول إثبات خطأ هذا الفكر وهمجية منبعه، ولكن انظروا حولكم واستوعبوا أن ذاك الزمان ولى، وأن الاستمرار على هذا الاعتقاد لن يؤدي بك إلى مكان سوى الوحدة الداخلية. وأنك كرجل متحضر تعيش هذا العصر بحاجة إلى ترقية أفكارك بخصوص علاقة المرأة والرجل والوعي بنفسك وبطبيعة المرأة حتى تستطيع الوصول إلى تلك العلاقة الحقيقية المشبعة للروح والقلب والعقل.

كلنا خائفون من الحب، نعم خائفون منه لدرجة وضعه في آخر سلم الأولويات، بل واعتباره عنصرا مكملا يأتي بعد الاحترام، والتقدير، والمعاملة بالمعروف. ترى ما الفرق إذن بين علاقة الزواج وعلاقات العمل والصداقة والزمالة، بل والعلاقة بين الأغراب. ترى إذن لماذا يعيش الأزواج المحترمون الأزمات ويندفع الرجال للزواج الثاني، بينما تغرق النساء في الاكتئاب ويطلبن الطلاق.

حان الوقت لمواجهة السبب الحقيقي لمشاكلنا، حان الوقت لمعرفة سبب أزمتنا. وليبدأ كل شخص بنفسه. نعم دع عنك الطرف الآخر ولومك له وإصرارك على أنه هو من يجب أن يتغير، في حين أؤكد لك أنك أنت من بحاجة لأن تتعلم وتتغير. وحينها فقط ستعلم المرأة أنها حين تعيش أنوثتها وتحب وتعطي الحب متدفقا بدون شروط، كان الرجل لها كما تريد وأكثر. وأن الرجل حين يتعلم أن يعطي الأمان، والاحتواء والتفهم الكامل للمرأة، ستكون له الدنيا ومتعتها الخالصة.

hebakadi@