الحوار في الدوار

والعنوان هنا ليس مأخوذا عن فيلم مصري، فلا الدوار بيت للعمدة، ولا الحوار طور من أطوار حياة الجمل؛ ولكن المقصود بذلك الحوار بين شخصين، يقفان في وسط مسار دوار في مدينة سعودية.

والعنوان هنا ليس مأخوذا عن فيلم مصري، فلا الدوار بيت للعمدة، ولا الحوار طور من أطوار حياة الجمل؛ ولكن المقصود بذلك الحوار بين شخصين، يقفان في وسط مسار دوار في مدينة سعودية.

الثلاثاء - 17 فبراير 2015

Tue - 17 Feb 2015



والعنوان هنا ليس مأخوذا عن فيلم مصري، فلا الدوار بيت للعمدة، ولا الحوار طور من أطوار حياة الجمل؛ ولكن المقصود بذلك الحوار بين شخصين، يقفان في وسط مسار دوار في مدينة سعودية.

والمنظر حتى تكون الصورة أكثر توثيقا وتوصيفا، تقول إن المتحاورين ترجلا من سيارتيهما، وبدون أحذية بالغالب، وأن أحدهما يحمل في يمينه عقالا ممطوطا، للحوار، وربما تقابله عجرة أو (ليور)، يحملها الطرف الآخر أو يشهرها أشخاص آخرون، لا تعرف هل كانوا هم المعنيين، أم إنهم انضموا لحفلة ثقافة الحوار لمجرد معرفتهم بمنطقة أحد المتحاورين، أو عشيرته، أو طبقته الاجتماعية، وربما يكون الطرف الثاني أجنبيا، فيكون الحوار غالبا من طرف واحد.

الاختلاف يدعو للحوار، ولو في عين زحمة الدوار، ليثبت كل طرف منهما أنه أحق بالمرور من هذا الشارع قبل الآخر، إما لأنه شائف نفسه، أو مستعجل، أو لأن الآخر (صفط) عليه دون داع، وربما يكون أصبح على الريق يبحث عن سيجارة وفنجان قهوة، ولديه الكثير من المشاكل العائلية، التي تجعله صائما فيما يخص ذوق السياقة، واللباقة، وحسن الخلق، وربما أنه يفكر في أقساط المدارس، أو تسديد المخالفات، أو يخشى من إنذار جديد في عمله نظير تأخره المرتبط بزحام المواصلات.

ينطلق السباب القبيح من كل جانب، وقد يكون متناغما مع وقع الضرب المبرح، أو قبله أو بعده، فكأنها سيمفونية من النشاز تعزف خارج حدود الزمان والمكان.

مهرجان مسميات، من مختلف أصناف العفن، فالعنصرية هنا تتحاور، والطبقية، واللون، ونوع السيارة يحاور، وحمل (الليور) من عدمه، وظهور الدم على الملابس يحاور.

ومن عجب أن بعض المثقفين ينادون بعدم التجمهر في مثل هذه الأحداث، رغم ما تحتوي من المتعة والجدة!.

فكيف لمواطن مكبوت لا يجد سينما ولا مسرحا، ولا عرضا فنيا، ولا منتجعا شبابيا رياضيا أن يتغافل عن ذلك العرض الحصري، فتضيع فرصته الفريدة.

سيترك البعض سياراتهم كيفما اتفق، وسيدخلون كالشياطين من بين الصفوف المتزاحمة ليحظوا بالتقاط صورة حية، أو لقطات مرعبة لا تلبث أن يتم تناقلها بين أيدي وأعين مواقع التواصل.

والصفوف المتجمهرة تحتوي على كثير ممن يجيدون حوار الفتوى، وحوار الحكمة، وبينهم أيضا من يكاد أن يشع النور من وجهه كالفلاشات وهو يردد الأحاديث النبوية، ويهز رأسه بأسى وحسرة.

ومنهم من يفزع مشمرا عن ذراعيه، ليفك بين المتعاركين، وهدومه المقطعة تشير إليه، ومنهم من يشجع ويستثير، متمنيا أن يرى عنفا يستحق كل هذا العناء.

وعشاق الحوار في شوارعنا يتجددون مع الموضة، فبعضهم يحمل السلاح الأبيض، والبعض يحمل الأتوماتيكي، وكل ذلك للتناغم مع طريقة الحوار السائدة، والتي قد تقبل الآخر، طالما أنه سيرحل لخالقه، غير مأسوف عليه وقبل أن يفتح (بقه).

أعرفتم لماذا يقولون إن أحقية المرور في الدوار السعودي للأجسر!؟.