الدبلوماسية الشعبية والتحدي المنتظر
الجمعة - 20 أكتوبر 2017
Fri - 20 Oct 2017
تعتبر الدبلوماسية التقليدية والرسمية (الكلاسيكية) من أهم وسائل التواصل الرسمي بين الدول منذ قديم الزمان ولها أهميتها في تفعيل السياسات الخارجية للحكومات. إلا أنه ومع التقدم التكنولوجي وثورة الاتصالات في العصر الحديث، زاد اطلاع ومشاركة الشعوب على القضايا المعاصرة محليا ودوليا، وأصبح لها دور في التعاطي بها والمساهمة فيها. هذا أدى لظهور علم جديد في فن السياسة هو علم الدبلوماسية الشعبية (العامة) وأصبحت مكملا للدبلوماسية التقليدية ولا يمكن الاستغناء عنها أو التقليل من أهميتها. كما وتزداد هذه الأهمية كلما زادت مكانة وحجم الدولة.
الدبلوماسية الشعبية (ويطلق عليها الدبلوماسية العامة أو الناعمة) كما نعرفها اليوم ليست بجديدة، فقد تمت ممارستها والعمل بها منذ عقود مضت، إلا أن ما يعتبر جديدا هو تصنيفها كعلم مستقل ومنحها مصطلحا جديدا ومستقلا عن العمل الدبلوماسي الرسمي. تعرف الدبلوماسية الشعبية بأنها النشاطات التي تبذلها دولة ما خارج حدودها الجغرافية، عن طريق الاستعانة بشعبها لكسب الرأي العام الخارجي، بعيدا عن نشاط السفارات والبعثات الدبلوماسية والإعلام الرسمي لها.
تشمل هذه النشاطات العديد من المجالات كالتعليم، الثقافة، التراث، التاريخ، والرياضة وذلك بهدف تحقيق المصالح القومية للدولة من خلال إعلام الجمهور الخارجي والتأثير عليه. أي إن الدبلوماسية الشعبية تعتمد على كيفية إدارة الدول بشكل مباشر أو غير مباشر لوجودها خارج حدودها عن طريق التبادل المفتوح للأفكار والمعلومات والتي تعتبر سمة مميزة للمجتمعات المتقدمة.
تختلف الدبلوماسية التقليدية عن الدبلوماسية الشعبية، فبينما تهتم الدبلوماسية التقليدية بالتركيز والتعامل مع سياسات الدول فقط عن طريق الاتصال المباشر والرسمي بين الموظفين الرسميين للدول، نجد أن الدبلوماسية الشعبية تهتم بالتأثير على سياسات الدول ولكن بشكل غير مباشر وعن طريق أطراف غير رسمية مثل وسائل الإعلام والهيئات التعليمية ووسائل التواصل الاجتماعي وجمعيات الصداقة الدولية والأعمال.
من المهم الإشارة إلى أن تنفيذ الأعمال المرتبطة بالدبلوماسية الشعبية يتطلب وعيا وخبرة بهذا العلم الحديث لما لها من أهمية، كونها ترتبط بسياسات الدول ومكملة لدورها. بالإضافة لهذا، فإنها تعتمد بشكل كبير على مبدأ أن الحوار هو الوسيلة المثلى للإقناع وكسب تأييد الطرف الآخر، وبذلك تتحقق السياسة الخارجية والأهداف المرجوة، وليس باستخدام التهديد والإجبار. كما ومن المهم عدم الانزلاق بالدبلوماسية الشعبية لمستوى الدعاية لأن هذا سيؤدي لفشل مهمتها.
تعمل الدبلوماسية الشعبية قصيرة المدى على معالجة القضايا الحالية والمطروحة على الساحة، أما الدبلوماسية الشعبية طويلة المدى فتعمل على تغيير أو تصحيح ثقافة دولة ما تجاه أمر معين. القائمون على تحقيق أهداف الدبلوماسية الشعبية هم الشخصيات المؤثرة في المجتمع والصحفيين والفنانين وغيرهم وليس المؤسسات والهيئات الحكومية. وزارة الخارجية ليست الجهة الرسمية الوحيدة التي تدعم برامج الدبلوماسية الشعبية، ففي الولايات المتحدة تعمل مختلف الوزرات والهيئات الرسمية كوزارة الدفاع والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها لنجاح وتفعيل دور الدبلوماسية الشعبية.
تجدر الإشارة إلى أنه يتم الالتباس بين مفهوم الدبلوماسية الشعبية والقوة الناعمة. حيث تعرف القوة الناعمة بأنها القوة الروحية والمعنوية لدولة ما والناتجة من أفكار وأهداف ذات قيم ومبادئ إنسانية ينتج عنها كسب احترام ثم تقبل واتباع المصادر التي أتت بها. تتعدد وسائل الجذب من دولة لأخرى مثل القوانين المرنة والثقافة السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها في دولة ما، بالإضافة لأهدافها ومبادئها ومدى تقبل الشعوب لها على اختلافها. وكلما زادت وتعددت هذه المزايا زادت وتعددت عناصر القوة في الدولة. بمعنى آخر تعتبر القوة الناعمة جزءا من الدبلوماسية الشعبية وأحد مكملاتها.
حتى تتحقق القوة الناعمة لا بد من تحقيق عواملها الأساسية، حيث تعتبر ثقافة الدولة من الأسباب الضرورية التي يجب أخذها بعين الاعتبار وهذا يشمل جميع شرائح المجتمع ابتداء من الطبقة المثقفة وانتهاء بالطبقة غير المتعلمة. أيضا، مراعاة عدم الازدواجية في أهداف ومعايير الدولة وذلك بأن يكون ما تحققه داخليا مشابها لما تدعو له خارجيا، مما يضفي لها المزيد من المصداقية والقبول دوليا. أخيرا، تعتبر السياسة الخارجية للدول من أهم العوامل التي تحقق النجاح للدبلوماسية الشعبية في حال لقت استحسان وتقبل المجتمعات الخارجية فإن هذا سيسهل عملها ويمنحها قبولا خارجيا.
تتشابه كل من الدبلوماسية الشعبية وإدارة السمعة للدولة في العمل على إيصال الحقائق عن دولة ما لباقي الشعوب، لكنهما تختلفان بأن إدارة السمعة تتطلب جهودا وتمويلا ونشاطات أكثر من الذي تتطلبه الدبلوماسية الشعبية. حيث يشارك في الدبلوماسية الشعبية عدد من المتخصصين والخبراء في حين تتطلب إدارة السمعة مشاركة أغلب قطاعات ومؤسسات الدولة كل في مجاله.
الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية من الدول التي استخدمت الدبلوماسية الشعبية في عدة مجالات من ضمنها المجال الإنساني والإغاثي. فعلى سبيل المثال تعمل المملكة على إرسال المساعدات والإعانات الإغاثية بشكل مستمر لعدد من الشعوب المتضررة نتيجة الكوارث الطبيعية والنزاعات، وتعتبر الجهود الإغاثية السعودية للشعبين السوري واليمني خلال أزمتهما الحالية أحد هذه الأمثلة، حيث تعتبر المملكة من أكثر الدول الداعمة للاجئين كما وتستضيف العديد من الأشقاء السوريين واليمنيين داخل أراضيها، نظرا لظروفهم الحالية وذلك للمحافظة والإبقاء على العلاقات الودية المتبادلة مع الشعوب الشقيقة.
ختاما، تمتاز المملكة العربية السعودية بمكانة مهمة بين دول العالم، كما أن موقعها الاستراتيجي يمنحها مزيدا من الثقل السياسي إقليميا ودوليا. زيادة الاستعانة بالدبلوماسية الشعبية في أكبر قدر ممكن من المجالات سيعزز من مكانتها وصورتها الإيجابية أمام دول العالم كونها تمتلك المؤسسات والهيئات الإنسانية والثقافية والتراثية وغيرها والتي سيشكل الاستعانة بها مزيدا من الإيجابية للمملكة. بالإضافة لهذا، فالسبيل لتحقيق ذلك يكون بإنشاء مؤسسات تعليمية وتدريبية وهيئات استشارية لتسليط مزيد من الاهتمام على المعنى الحقيقي للدبلوماسية الشعبية وتفعيلها.
الدبلوماسية الشعبية (ويطلق عليها الدبلوماسية العامة أو الناعمة) كما نعرفها اليوم ليست بجديدة، فقد تمت ممارستها والعمل بها منذ عقود مضت، إلا أن ما يعتبر جديدا هو تصنيفها كعلم مستقل ومنحها مصطلحا جديدا ومستقلا عن العمل الدبلوماسي الرسمي. تعرف الدبلوماسية الشعبية بأنها النشاطات التي تبذلها دولة ما خارج حدودها الجغرافية، عن طريق الاستعانة بشعبها لكسب الرأي العام الخارجي، بعيدا عن نشاط السفارات والبعثات الدبلوماسية والإعلام الرسمي لها.
تشمل هذه النشاطات العديد من المجالات كالتعليم، الثقافة، التراث، التاريخ، والرياضة وذلك بهدف تحقيق المصالح القومية للدولة من خلال إعلام الجمهور الخارجي والتأثير عليه. أي إن الدبلوماسية الشعبية تعتمد على كيفية إدارة الدول بشكل مباشر أو غير مباشر لوجودها خارج حدودها عن طريق التبادل المفتوح للأفكار والمعلومات والتي تعتبر سمة مميزة للمجتمعات المتقدمة.
تختلف الدبلوماسية التقليدية عن الدبلوماسية الشعبية، فبينما تهتم الدبلوماسية التقليدية بالتركيز والتعامل مع سياسات الدول فقط عن طريق الاتصال المباشر والرسمي بين الموظفين الرسميين للدول، نجد أن الدبلوماسية الشعبية تهتم بالتأثير على سياسات الدول ولكن بشكل غير مباشر وعن طريق أطراف غير رسمية مثل وسائل الإعلام والهيئات التعليمية ووسائل التواصل الاجتماعي وجمعيات الصداقة الدولية والأعمال.
من المهم الإشارة إلى أن تنفيذ الأعمال المرتبطة بالدبلوماسية الشعبية يتطلب وعيا وخبرة بهذا العلم الحديث لما لها من أهمية، كونها ترتبط بسياسات الدول ومكملة لدورها. بالإضافة لهذا، فإنها تعتمد بشكل كبير على مبدأ أن الحوار هو الوسيلة المثلى للإقناع وكسب تأييد الطرف الآخر، وبذلك تتحقق السياسة الخارجية والأهداف المرجوة، وليس باستخدام التهديد والإجبار. كما ومن المهم عدم الانزلاق بالدبلوماسية الشعبية لمستوى الدعاية لأن هذا سيؤدي لفشل مهمتها.
تعمل الدبلوماسية الشعبية قصيرة المدى على معالجة القضايا الحالية والمطروحة على الساحة، أما الدبلوماسية الشعبية طويلة المدى فتعمل على تغيير أو تصحيح ثقافة دولة ما تجاه أمر معين. القائمون على تحقيق أهداف الدبلوماسية الشعبية هم الشخصيات المؤثرة في المجتمع والصحفيين والفنانين وغيرهم وليس المؤسسات والهيئات الحكومية. وزارة الخارجية ليست الجهة الرسمية الوحيدة التي تدعم برامج الدبلوماسية الشعبية، ففي الولايات المتحدة تعمل مختلف الوزرات والهيئات الرسمية كوزارة الدفاع والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها لنجاح وتفعيل دور الدبلوماسية الشعبية.
تجدر الإشارة إلى أنه يتم الالتباس بين مفهوم الدبلوماسية الشعبية والقوة الناعمة. حيث تعرف القوة الناعمة بأنها القوة الروحية والمعنوية لدولة ما والناتجة من أفكار وأهداف ذات قيم ومبادئ إنسانية ينتج عنها كسب احترام ثم تقبل واتباع المصادر التي أتت بها. تتعدد وسائل الجذب من دولة لأخرى مثل القوانين المرنة والثقافة السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها في دولة ما، بالإضافة لأهدافها ومبادئها ومدى تقبل الشعوب لها على اختلافها. وكلما زادت وتعددت هذه المزايا زادت وتعددت عناصر القوة في الدولة. بمعنى آخر تعتبر القوة الناعمة جزءا من الدبلوماسية الشعبية وأحد مكملاتها.
حتى تتحقق القوة الناعمة لا بد من تحقيق عواملها الأساسية، حيث تعتبر ثقافة الدولة من الأسباب الضرورية التي يجب أخذها بعين الاعتبار وهذا يشمل جميع شرائح المجتمع ابتداء من الطبقة المثقفة وانتهاء بالطبقة غير المتعلمة. أيضا، مراعاة عدم الازدواجية في أهداف ومعايير الدولة وذلك بأن يكون ما تحققه داخليا مشابها لما تدعو له خارجيا، مما يضفي لها المزيد من المصداقية والقبول دوليا. أخيرا، تعتبر السياسة الخارجية للدول من أهم العوامل التي تحقق النجاح للدبلوماسية الشعبية في حال لقت استحسان وتقبل المجتمعات الخارجية فإن هذا سيسهل عملها ويمنحها قبولا خارجيا.
تتشابه كل من الدبلوماسية الشعبية وإدارة السمعة للدولة في العمل على إيصال الحقائق عن دولة ما لباقي الشعوب، لكنهما تختلفان بأن إدارة السمعة تتطلب جهودا وتمويلا ونشاطات أكثر من الذي تتطلبه الدبلوماسية الشعبية. حيث يشارك في الدبلوماسية الشعبية عدد من المتخصصين والخبراء في حين تتطلب إدارة السمعة مشاركة أغلب قطاعات ومؤسسات الدولة كل في مجاله.
الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية من الدول التي استخدمت الدبلوماسية الشعبية في عدة مجالات من ضمنها المجال الإنساني والإغاثي. فعلى سبيل المثال تعمل المملكة على إرسال المساعدات والإعانات الإغاثية بشكل مستمر لعدد من الشعوب المتضررة نتيجة الكوارث الطبيعية والنزاعات، وتعتبر الجهود الإغاثية السعودية للشعبين السوري واليمني خلال أزمتهما الحالية أحد هذه الأمثلة، حيث تعتبر المملكة من أكثر الدول الداعمة للاجئين كما وتستضيف العديد من الأشقاء السوريين واليمنيين داخل أراضيها، نظرا لظروفهم الحالية وذلك للمحافظة والإبقاء على العلاقات الودية المتبادلة مع الشعوب الشقيقة.
ختاما، تمتاز المملكة العربية السعودية بمكانة مهمة بين دول العالم، كما أن موقعها الاستراتيجي يمنحها مزيدا من الثقل السياسي إقليميا ودوليا. زيادة الاستعانة بالدبلوماسية الشعبية في أكبر قدر ممكن من المجالات سيعزز من مكانتها وصورتها الإيجابية أمام دول العالم كونها تمتلك المؤسسات والهيئات الإنسانية والثقافية والتراثية وغيرها والتي سيشكل الاستعانة بها مزيدا من الإيجابية للمملكة. بالإضافة لهذا، فالسبيل لتحقيق ذلك يكون بإنشاء مؤسسات تعليمية وتدريبية وهيئات استشارية لتسليط مزيد من الاهتمام على المعنى الحقيقي للدبلوماسية الشعبية وتفعيلها.