فارس هاني التركي

هنا لندن

السبت - 14 أكتوبر 2017

Sat - 14 Oct 2017

لندن حيث العراقة والتاريخ والاقتصاد والسياسة والسياحة والرياضة والفن. لندن حيث التجانس الإنساني والاندماج الثقافي البشري في أجمل أشكاله. يعيش في لندن قرابة 9 ملايين نسمة يتحدثون 300 لغة، ويأتون من مختلف المذاهب العرقية والدينية والسياسة والثقافية والاقتصادية.

اشتهرت بالضباب والأمطار فحوالي 40% منها عبارة عن مسطحات خضراء، ولكثرة الأشجار فيها يمكن تصنيفها حسب معايير الأمم المتحدة كغابة. ورغم أنها تمطر أكثر من 100 يوم في السنة، ولكن لندن تستقبل كمية أمطار سنوية أقل من روما وسدني.

اقتصاديا لندن تساهم بحوالي 22% من إجمالي الناتج القومي للملكة المتحدة، فيما يعتبر الناتج المحلي لمدينة لندن أكبر من إجمالي الناتج القومي لدول مثل السويد أو إيران أو بلجيكا. أمر غير مستغرب فهناك أكثر من 840 ألف شركة مقرها الرئيس في لندن، فيما تعتبر بورصة لندن London Stock Exchange ثالث أكبر سوق مالية في العالم، حيث يبلغ عدد الشركات المدرجة فيها أكثر من 2,200 شركة ويقدر رأسمال الشركات المدرجة فيها بحوالي 6,6 تريليونات دولار. المكانة الاقتصادية للندن والتي أسهمت بوجود هذا العدد المهول من الشركات أسهمت أيضا في أن تكون لندن واحدة من أغنى مدن العالم، وخامس مدينة في العالم يوجد بها مليارديريون، فهناك 50 شخصا في لندن تجاوزت ثروتهم مليار دولار، ولكن للأسف أسهم ذلك في أن تكون لندن سادس أغلى مدينة في العالم من ناحية تكلفة المعيشة.

غلاء لندن الفاحش لم يمنع السياح من كل مكان في العالم من التوافد عليها مما جعلها أكثر مدينة في العالم تزار من سياح أجانب، وذلك لسنوات طويلة، حتى تخطتها بانكوك مؤخرا وبفرق بسيط، فلندن ترحب سنويا بأكثر من 20 مليون سائح أجنبي يجعلون من السياحة ثالث مصدر دخل للمدينة، وثالث قطاع موفر للوظائف.

كذلك هذا الغلاء الفاحش لم يمنع الطلاب الأجانب من التقديم للدراسة في جامعات لندن العريقة التي بلغ عددها 43 جامعة، فاليوم يدرس في لندن حوالي 99 ألف طالب أجنبي، مما يجعلها المدينة الأولى عالميا في استقبال الطلاب الأجانب.

لاستقبال هذا العدد المهول من السياح والطلاب وأصحاب الأعمال والسكان كان لا بد من توفر البنية التحتية القوية التي تخدم المدينة، فلذلك نجد أن هناك 6 مطارات دولية في لندن، والطريق الدائري M25 هو أطول طريق دائري لمدينة في العالم، حيث يبلغ طوله قرابة 200 كلم، فيما تلعب الباصات دورا جوهريا للتنقل، فهناك أكثر من 8 آلاف باص تقطع مسافة 500 مليون كيلو متر سنويا.

الازدحام المروري كارثي في لندن، فشوارعها ضيقة لأنها صممت قديما للعربات والخيول وليس للسيارات والحافلات، فكان لا بد من حل مبتكر، وكان ذلك بإنشاء أول مشروع للمترو تحت الأرض في العالم سنة 1863، والآن يخدم لندن Underground قرابة 5 ملايين راكب يوميا أي 1,4 مليار راكب سنويا من خلال 270 محطة.

رياضيا، لندن فيها أكبر عدد للأندية المحترفة في العالم، وحقوق النقل التلفزيوني للدوري الإنجليزي هي الأغلى عالميا، وتحتضن العديد من البطولات العالمية في كرة القدم والرجبي والتنس الأرضي، وهي أول مدينة في العالم تستضيف الألعاب الأولمبية 3 مرات، وذلك عام 1908 و1948 و2012.

كل شيء تتخيله موجود في لندن، وهي تناسب جميع الأذواق، فمحبو المتاحف يقصدونها لأنها المدينة الأولى من حيث عدد المتاحف، فهناك قرابة 200 متحف، ومحبو المسرحيات لا بد لهم من الاستمتاع ببعض العروض المسرحية والتي يبلغ عددها سنويا أكثر من 32 ألف عرض مسرحي، ومحبو العروض الكوميدية يدركون أنها المدينة الأولى من حيث العروض الكوميدية، فالعام الماضي كان هناك أكثر من 11 ألف عرض فكاهي في لندن. أما إذا كنت من محبي المطاعم فسوف تحتاج 100 عام لزيارة مطاعم لندن كلها، فهناك أكثر من 37 ألف مطعم من مختلف مطابخ العالم. فعلا من سئم لندن فقد سئم الحياة.

farooi@