حماية للمستهلك.. الحلي المغشوشة والسرطان

الجمعة - 06 أكتوبر 2017

Fri - 06 Oct 2017

في دراسة أجرتها مجلة التايم الأمريكية الشهيرة، قبل فترة من الزمن، تم تناول موضوع السلع المقلدة والمغشوشة ومخاطرها على الجميع وما تسببه من موت بالجملة خاصة في بلدان العالم الثالث ووسط الفئات الفقيرة. وكشفت الدراسة، بصفة خاصة، أن الذهب والحلي المغشوشة التي تتباهي بها النساء للزينة تسبب السرطان في الكثير من الحالات. وبعد الاطلاع على هذه الدراسة، تذكرت قول الله تعالى جل جلاله عن هذا «الحديد» وقوته وبأسه في سورة الكهف التي نحلق معها كل جمعة (آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا (96) فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا)، وكذلك في سورة الحديد التي تتضمن أعظم صفاته جل جلاله (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس).. وهذه القوة والبأس يشملان المنافع وكذلك يشملان الأضرار عند سوء الاستخدام، ومن هذا ينتج مرض السرطان القاتل وما في دائرته، وهكذا حال الذهب المغشوش فلنحذر، والحكيم من يقول: ليس كل ما يلمع ذهبا.

وهذا السرطان – وتوابعه - يحدث لأن الذهب والفضة والحلي «المغشوشة» مخلوطة بها عدة مواد مسرطنة من رصاص وزرنيخ وزئبق وغيرها من المواد الحادة السمية التي تدخل في الجسم الذي يبدأ في امتصاصها في هدوء عبر المسامات، وتجري في الإنسان مجرى الدم.. ويبدأ سرطان الجلد والكبد والبروستاتا والأمعاء وحماكم الله. وكما هو ملاحظ، إذا وضع هذا الحديد المغشوش في أي مكان، حتى داخل الخزائن «المسوكرة»، وأخرج بعد أيام نلاحظ أن به نقاطا صغيرة سوداء وإذا وضعت تحت المجهر «نشوف بلاوي» لها أنياب سامة وماصة بمجرد ملامستها للجلد واختلاطها مع العرق.. وهكذا يبدأ التاريخ للنهاية النهائية.

ونقول هذا، حماية للمستهلك، لأن الذهب المقلد والحلي المغشوشة موجودة بكثرة في شوارع معظم البلدان وتصطدم بها أقدامك في كل زقاق وكل ركن في أغلب الأسواق. ومن كثرتها وتنوع موديلاتها وبريقها قد يتضح عدم الاهتمام اليقظ بحماية المستهلك. ومن سخرية القدر، أنه وبالرغم من الحديث المتواصل في هذه البلدان عن علاج مرضي السرطان إلا أن السماح بدخول السرطان عبر هذه المواد يبين التضارب، لأن اليد اليمنى تسمح بانتشاره، بينما اليد اليسرى ترفع حقنة الكيماوي بحثا عن العلاج. وما يحدث مخالف للقوانين التي تمنع الغش في التجارة وتحاسب مرتكبيها وتلزمهم بدفع التعويضات المالية بل تنالهم العقوبات الجنائية إذا تبين سوء النية والاحتيال الجنائي. وعلينا جميعا، امتثالا للقانون وللممارسات الأخلاقية وتطبيقا لمبادئ التجارة السمحة منع دخول هذه المواد المسرطنة لمنع انتشار السرطان وسط المستهلك البريء الذي لا يدري ما حوله.

مجلة التايم طالبت بحماية المستهلكين من جميع الممارسات التجارية الضارة والمؤذية، وبصراحة تامة أشارت إلى أن الكثير من الدول لا تفحص شحنات هذه البضائع عند دخولها للبلد. مع أنه يجب الفحص الدقيق عليها وإعادة الفحص للتأكد من نسبة المواد المسرطنة بها، وإلا فإن المستهلك سيكون في خطر داهم من قنابل موقوتة تنفجر داخل جسمه في أي وقت.

إن حماية المستهلك تتطلب المراقبة الدقيقة لكل المواد والمنتجات التي تسبب الأضرار للإنسان وللحيوان وللبيئة وبصفة خاصة منع التقليد والغش في السلع والمنتجات التي يتم تداولها والمتاجرة فيها. والعديد من الأنظمة والقوانين الوضعية تنظم هذا الوضع، وقبلها نجد مقولة سيد البشرية رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا»، ولأنه لا ينطق عن الهوى فإنه يعرف أضرار الغش وإلى أين تصل هذه الأضرار وكل ما تسببه لنا من انتشار الأمراض والكوارث وما خفي أعظم. ولذا علينا الاستفادة مما ورد في هذه الدراسات، وأقل ما نقوم به تطبيق الأنظمة والقوانين بفعالية تامة لحماية المستهلك، ولنطورها للأحسن لردع من يتلاعب ومن يغش، لأن الردع القوي مطلوب في مثل هذه الحالات.