الثقافة الدينية ومسؤوليتها
لا بد من صراحة كافية في القول أن المثقف الديني كغيره من المثقفين تعرض لتدخل (الأشياء والأشخاص) في تكوينه
لا بد من صراحة كافية في القول أن المثقف الديني كغيره من المثقفين تعرض لتدخل (الأشياء والأشخاص) في تكوينه
الخميس - 18 سبتمبر 2014
Thu - 18 Sep 2014
لا بد من صراحة كافية في القول أن المثقف الديني كغيره من المثقفين تعرض لتدخل (الأشياء والأشخاص) في تكوينه.
حتى أصبحت كينونته (أنا هذا وأنا ذاك) وبناء عليه فإن المثقف الديني الذي أنتج وعيه الذاتي والمجتمعي والعالمي الكوني كان هو الأجدر في الحقل الثقافي، من المثقف الديني المتكرر أوالمتحول المتردد بين الاستقلالية والتبعية، بين الحرية والاستعباد.
ذلك أن المثقف الديني المفتقد لحصانة الوعي المفتوح قد تم استثماره لمصالح متوهمة وأغراض مشبوهة.
وهنا لا بد من الإعلان كمبدأ: أن الكلام ـ عن أو مع ـ المثقف الديني نقداً وتطويراً وحواراً يجب أن يفهم على أنه كلام من أجله وليس عداوة وتحرباً، ولأجل أن يكون في الحقيقة له لا عداوة وحرباً عليه فيجب أن يخلو من كل ممارسات الكراهية وأن يمتلأ بحب الحقيقة وتقديمها على كل اعتبار لأنه وكما يقول أحد الكُتاب (الحقيقة في كل شيء تغلب المظهر في كل شيء حتى ولو كانت حقيقة الكفر).
أما ما يعشش في أوهام البعض من المؤامرة والابتلاء فهي طاقة يهدرها وضرائب يدفعها نتيجة فقدان الوعي.
وإذا كان الخطاب والتخاطب هو الممثل الأبرز للثقافة فإن الخطاب الإسلامي لم يكن شكلاً واحداً، فهناك الخطاب القابع في تاريخ أصوله دون أن يأخذ من تلك الأصول قدرتها على الصلاحية الزمانية والمكانية.
وهناك الخطاب الشرعي المتزن بالوسطية والاعتدال.
ولكل نوع قطبه الآخـر وما يختلف معه وحوله.
وبين هذا وذاك تموجات كثيرة.
كما ينشأ بين فينة وأخرى خطاب متيقظ يحاول في مسار التصحيح، وهو متعدد ومختلف أيضا.
ومتراجع ومتقدم في آن!!كل ما تقدم يجعلنا نطرح أسئلة صريحة على الخطاب الإسلامي كنقد تصحيحي تكمن إجابته في تغير ملموس ومشهود في كل أدوات الخطاب وآلياته.
وأول هذه الأسئلة ومفتاحها: هل الخطاب الإسلامي يغذيه فكر إنتاجي، أم إن الذي يغذيه خطاب مثله مما أضعف نسله إلى حد لا يقبل التلاقح مع الأفكار بل اتخذ دوره أن يعاديها؟! إن التراتبية الصائبة هي أن الوعي ينتج فكراً، وأن الفكر ينتج خطاباً وأن الخطاب ينتج سلوكاً.
وهذه هي الحالة التي كانت عليها بواكير الخطاب الإسلامي، متمثلاً في المنهج القرآني والنبوي.
والسؤال الثاني: هل كان الخطاب الإسلامي قائما بذاته، أم كان يخضع لأجندة من خارجه يفتقد الوعي بها؟ ولا شك أنه كغيره من الخطابات الثقافية متأثر ومؤثر.
ولا ضير عليه أن يفيد من كل حكمة أياً كان مصدرها ما دام أنه في دائرة الوعي.
والسؤال الثالث: هل أدرك الخطاب الإسلامي أن مشروع المواجهة الذي صنعه، أو الذي يستدرج إليه دائما لصالح غيره.
أن هذا المشروع هو الذي أهدر طاقته وبدد جهوده !! فهو لم يُعرض عن الجاهلين، بل كان يخوض مع الخائضين!والسؤال الرابع: هل آن للخطاب الإسلامي أن يتخلص من ثنائياته الخانقة والمتجددة مع كل فكرة أو حدث؟ من نحو (الدين والسياسة / الدين والمواطنة / الإسلام والقومية / الإسلام والعلمانية / الإسلام واللبرالية / الإسلام و ...الإسلام.و) ألم يئن لنا أن ندرك أن الإسلام دين (إن الدين عند الله الإسلام) ولا يمكن أن يكون دين الله ثنائية لأفكار البشر المطلوب! أم إننا نطلق الإسلام ونريد به أنفسنا! وننادي بمصلحة الأمة وإذا بها تتكشف عن مصلحة الأنا! حتى أنتجنا إسلاماً سياسياً وآخر عربياً وثالثا صحوياً وهكذا.
والسؤال الخامس: هل تجاوز الخطاب الإسلامي دائرتي (المؤامرة والابتلاء) إلى دوائر الفعل والمشاركة؟ وأين إنتاجه من إنتاج العقل المفتوح والنفس المطمئنة؟ إننا نعيش واقعا مختلفا لغته قوة المعرفة وأدواتها التواصلية في عالم الاتصال والتقنية مما يجعلنا أمام مسؤولية مركبة لا تسمح بالتباطئ والتراجع.
والخطاب الإسلامي معني كغيره بل أكثر من غيره بوعي المرحلة وإدراك كم وكيف التدفق المعرفي.
فالمعرفة بطبيعتها تتجاوز الركود وتصاحب الحركة.