إنسانية قاض

الجمعة - 08 سبتمبر 2017

Fri - 08 Sep 2017

فرانك كابريو البالغ من العمر 80 عاما يعمل قاضيا لمخالفات السير والمخالفات المرورية وبعض الجنح الصغيرة الأخرى بولاية رود آيلاند الأمريكية، اشتهر بين أفراد مجتمعه بأسلوبه الفريد الرحيم العادل في تعامله مع المذنبين المخالفين للقانون، وحواره معهم وتفهمه لمشاعرهم وإحساسه بمعاناتهم.

أصبح القاضي فرانك نجما في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب طريقته الإنسانية في التعامل مع المخالفين للقانون وطريقة نقاشه معهم والحكم بروح القانون وليس بنصه في القضايا التي ينظرها. انتشرت له العديد من الفيديوهات المسجلة من خلال كاميرات قاعة المحكمة التي يعمل بها تظهر أسلوبه في مراعاة ظروف ومشاعر المخالفين للقانون.

في إحدى القضايا طلب إحضار أحد الأبناء الصغار للمخالف وأجلسه بجانبه، وبعد أن شرح له المخالفة المرورية التي ارتكبها والده طلب منه القاضي أن يدلي برأيه في مخالفة والده للقانون، هل يستحق العقوبة والغرامة المالية أم لا. فكانت إجابة الصغير أن والده يستحق الغرامة المالية لمخالفته القانون!

وفي قضية أخرى كانت المذنبة سيدة شابة تراكمت عليها مخالفات مرورية لعدة سنوات بقيمة أربعمائة دولار، وعندما طلب منها القاضي سداد المبلغ فورا انفجرت بالبكاء وأخبرته أنها لا تملك ذلك المبلغ الضخم وقد مرت بسنة صعبة جدا عانت خلالها ماليا واجتماعيا فقد قتل ابنها وهي الآن تعيش على نفقة الضمان الاجتماعي. أجابها القاضي بأنه يتفهم ظروفها ومشاكلها المالية والاجتماعية ولذلك سيخفض الغرامة إلى 50 دولارا فقط، وعندما سألها كم من الوقت ستحتاج لدفعها أخبرته أنها تحملها معها في حقيبتها، فسألها إن كان معها نقود غيرها، فردت بأنه سيتبقى لديها خمسة دولارات! عندها ظهرت براعة القاضي وحنكته في تفهم ظروف ومشاعر تلك السيدة فقال لها سأعفو عنك وأسقط عنك جميع الغرامات ولن أدعك تخرجين من قاعة المحكمة بخمسة دولارات!

وفي إحدى القضايا كان المذنب رجلا كبيرا في السن حصل على مخالفة مرورية بقيمة مائة دولار أثناء ذهابه لتلقي رعاية طبية في مركز صحي، سأله القاضي عن عمله فأخبره أنه كان في أيام شبابه يعمل في الجيش، وقد شارك في حرب فيتنام، وهو متقاعد الآن. فما كان من القاضي إلا أن أظهر له تقديره وشكره على خدمة بلاده وألغى المخالفة والغرامة المالية وقال له ليس من العدل أن أطالبك بسداد المخالفة وأنت قد أفنيت شبابك في خدمة بلادك!

أخيرا.. لن تفهم وتشعر بما يعانيه فقير لا يجد قوت يومه، أو محتاج لا يملك من اللباس ما يستره، أو مريض فقد صحته إلا إذا وضعت نفسك مكانه. ضع نفسك مكان الآخرين قبل أن تعاملهم وتحكم عليهم، وتمن لهم ما تتمناه لنفسك حتى تكون رحيما عادلا.