فارس هاني التركي

عالم اللحوم

الاحد - 27 أغسطس 2017

Sun - 27 Aug 2017

رغم تحريمه في جميع الأديان السماوية والعديد من الحضارات المختلفة، يظل لحم الخنزير هو أكثر اللحوم استهلاكا لدى البشر، وذلك بمقدار 112 مليون طن سنويا، وهو ما يمثل نسبة 36 % من جميع أنواع اللحوم المستهلكة، يليه لحم الدواجن بنسبة 33% ثم اللحم البقري بنسبة 24% ويليه لحم الخرفان والماعز والجمال والخيول، حيث لا تتجاوز نسبة استهلاكها 7% مجتمعة.

عالميا تتصدر لكسمبورغ دول العالم في معدل استهلاك الفرد من أكل اللحوم، حيث يستهلك الفرد لديها ما مقداره 137 كجم من اللحوم سنويا، تليها الولايات المتحدة الأمريكية بـ125 كجم، ثم أستراليا بـ 121 كجم. أما عربيا فتتصدر القائمة الكويت بنحو 97 كجم للشخص سنويا، ثم الإمارات العربية المتحدة بنحو 70 كجم ثم المملكة العربية السعودية بقرابة 52 كجم سنويا، أكثر من 90% منها عبارة عن دجاج.

استهلاك اللحوم تضاعف أكثر من ثلاث مرات خلال العقود الأربعة الأخيرة، وارتفع بنسبة 20% خلال آخر 10 سنوات، وذلك بسبب التطور المذهل والسريع في علوم الزراعة والرعي، وكذلك الاستخدام المفرط للبروتينات، فأصبح العالم ينتج سنويا أكثر من 107 ملايين طن من لحوم الدواجن و68 مليون طن من اللحم البقري.

أمريكا هي البلد الأول عالميا في إنتاج اللحم البقري بما يزيد على 11 مليون طن سنويا، أي قرابة 20% من الإنتاج العالمي، ولكن البرازيل تتفوق عليها من ناحية التصدير لأن 90% من الإنتاج الأمريكي يذهب للاستهلاك المحلي، فنجد أن البرازيل تصدر مليوني طن سنويا من اللحم البقري مقابل 1,1 مليون طن فقط تصدرها أمريكا سنويا. تلي البرازيل من ناحية تصدير اللحم البقري دولة الهند، حيث إن معظم شعبها الهندوسي لا يأكل اللحم البقري، مما جعل الهند تصدر سنويا 1,9 مليون طن من اللحم البقري، وبذلك تكون الهند أقل دولة في العالم من ناحية استهلاك الفرد لديها للحم البقري بمعدل ٣ كجم فقط سنويا، وهو أقل من المعدل الموجود في أفقر دول أفريقيا «الكونجو» التي واجهت العديد من الحروب والمجاعات حتى وصل استهلاك الفرد لديها من اللحم البقري 4,7 كجم سنويا.

اللحوم من نعم الله علينا، فبالإضافة لطعمها ولذتها فهي مصدر مهم للبروتين والحديد، وتساعد في تجديد كريات الدم الحمراء، ولكن يجب الحذر من بعض جوانبها السلبية، خاصة بعد أن أصبحت تنتج بشكل تجاري ضخم لا يراعى فيه العديد من الجوانب الصحية والبيئية،فارتفاع نسبة الدهون المشبعة والكولسترول أصبح خطرا حقيقيا يهدد صحة البشر. لذلك ظهرت العديد من الجماعات التي تنادي بالتوقف عن أكل اللحوم والاكتفاء بالخضراوات الطبيعية، فمن مزاعمهم أن صناعة الرعي تستنزف الطاقة وتستهلك الماء بشكل قد يضر الأجيال القادمة. كمثال، لك أن تتخيل أن قطعة الهامبرجر الواحدة التي تزن 113 جراما (ربع رطل) نحتاج لإنتاجها 7 أمتار مربعة من الأرض الزراعية لإنتاج 3 كجم من الحبوب والعلف بالإضافة إلى 200 لتر ماء.

لا نريد تحريم ما أحل الله لنا، ولا نريد محاربة العلم في استخدام التكنولوجيا لتطوير علوم الزراعة والرعي، ولكن نريد أن يتم ذلك باشتراطات ومقاييس قوية تضمن لنا سلامة الغذاء وتحمينا من جشع وتهور بعض الشركات غير المسؤولة.

قال تعالى: (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين).

@farooi