نار مشتعلة تنتصف الساحة، صفوف معروف تشكيلها وأفرادها ورؤساؤها، عدة طبول لها مسمياتها، لاعبان من كل صف يؤديان جولتهما المتفردة، زواميل وسيلة الاتصال والحكايات والأساطير المتناقلة بين الصفوف، معان خفية تحوم في ساحة اللعب، مشاعر ترحيب ومحبة ورفض وحتى عداوة، إيقاعات تأخذ بأقدام الرجال إلى عالم واسع لا يعي اتساعه إلا أصحاب هذه اللعبة.
أنت مخطئ إذا كنت تعتقد بأن المزمار مجرد رقصة وفلوكلور شعبي تقام على دقات الطبول وتمايل جماعات بالعصا حين المسرات والأفراح، المزمار لعبة تستند في أساسها على الأساطير القديمة ولها قوانينها التي تؤخذ بجدية.
قيل الكثير عن أصل المزمار، والمتأمل في قوانينه وحركاته يستطيع أن يجد الصلة الواضحة بينه وبين الرقصات الأفريقية، فالأهازيج التي ترددها الصفوف وقت اللعب، أحيانا تستقى من لغات أفريقية مثل الهوسا، وهناك من أرجع أصلها إلى مصر المشتهرة بفن التحطيب، وهو اللعب والرقص والمبارزة بالعصا، ولكن الرأي الأرجح أنها لعبة مستمدة من ثقافات مجتمعة شكلت في قالب حجازي أصيل.
ولكل حارة حجازية صفها المعروف ورئيسها ولاعبوها، فأنت كلاعب مزمار لك صفك الذي تمثله ويقع عليك ما يقع عليه من خير أو شر، تقف في صفك متكئا بيديك على عصاك بانتباه لا يقطعه حديث جانبي أو فتور «توقف بعصاك كأنك عسكري خفارة» -كما يقول العمدة طلال بن حسان- وإلا سيأتيك التقريع، وهو ضربة شديدة بعصا اللاعب على عصاك المثبتة لكي تنتبه.
ترحب الصفوف ببعضها حين اللعب بطريقتها الخاصة المتمثلة في زومال أو حفنة من تراب يلقيها أحد اللاعبين على النار المشتعلة دلالة على السلام وإطفاء الشرور الكامنة إن وجدت.
يرفع الزومال بترحيب أو قصة أو هجاء أو مديح وفخر والذي يكون مليئا بالشفرات والمعاني التي لا يفهمها المستمع العادي ما لم يكن من أصحاب اللعبة، تقرع الطبول بأنواعها الثلاثة النقرزان والعلبة والمدم ( الثلاثة الولايف كما تسمى) بالإضافة إلى المرواس كآلة حديثة قادمة من بحارة جدة ولا يفضلها أحيانا كبار السن، ينزل إلى الساحة أو الميدان شخصان في رقص ثنائي آسر حول النار وبيديهما (الشون) وهي العصا أو النبوت كما تعرف في مصر أو العود، ينتهي الشخصان من جولتهما حول النار وتسمى الجولة ( جوش) وينزل إلى الميدان آخران في تناسق مبهر، وإذا دخل شخصان الساحة ولم ينته اللذان قبلهما من جوش كامل يعد ذلك إهانة واستفزازا وتعديا على قوانين اللعبة، ويتحول اللعب إلى مشاجرة وعنف.
الجانب المظلم من هذه اللعبة يكمن في مثل هذه التعديات والإهانات ونمو الأحقاد وتعنصر الصفوف ضد بعضها البعض، أحيانا إذا أراد لاعبو صف ما إثبات قوتهم يذهبون إلى خارج الساحات المعروفة باسم «لعب الخلا» حيث لا يحضره الكبار والشيوخ ولا يستضاف إليه أحد، وعادة يجتمع فيه الخصوم.
وفي الوقت الحاضر تلاشى المزمار بصورته الأصيلة وقوانينه وقيمته الحقيقية، ليصبح مقتصرا على المناسبات والأفراح في صورة حديثة تخلو من الجدية والالتزام، مما قربه إلى صورة رقصة شعبية حرة مجتثة من أصولها وأساطيرها وتاريخها القديم.
أنت مخطئ إذا كنت تعتقد بأن المزمار مجرد رقصة وفلوكلور شعبي تقام على دقات الطبول وتمايل جماعات بالعصا حين المسرات والأفراح، المزمار لعبة تستند في أساسها على الأساطير القديمة ولها قوانينها التي تؤخذ بجدية.
قيل الكثير عن أصل المزمار، والمتأمل في قوانينه وحركاته يستطيع أن يجد الصلة الواضحة بينه وبين الرقصات الأفريقية، فالأهازيج التي ترددها الصفوف وقت اللعب، أحيانا تستقى من لغات أفريقية مثل الهوسا، وهناك من أرجع أصلها إلى مصر المشتهرة بفن التحطيب، وهو اللعب والرقص والمبارزة بالعصا، ولكن الرأي الأرجح أنها لعبة مستمدة من ثقافات مجتمعة شكلت في قالب حجازي أصيل.
ولكل حارة حجازية صفها المعروف ورئيسها ولاعبوها، فأنت كلاعب مزمار لك صفك الذي تمثله ويقع عليك ما يقع عليه من خير أو شر، تقف في صفك متكئا بيديك على عصاك بانتباه لا يقطعه حديث جانبي أو فتور «توقف بعصاك كأنك عسكري خفارة» -كما يقول العمدة طلال بن حسان- وإلا سيأتيك التقريع، وهو ضربة شديدة بعصا اللاعب على عصاك المثبتة لكي تنتبه.
ترحب الصفوف ببعضها حين اللعب بطريقتها الخاصة المتمثلة في زومال أو حفنة من تراب يلقيها أحد اللاعبين على النار المشتعلة دلالة على السلام وإطفاء الشرور الكامنة إن وجدت.
يرفع الزومال بترحيب أو قصة أو هجاء أو مديح وفخر والذي يكون مليئا بالشفرات والمعاني التي لا يفهمها المستمع العادي ما لم يكن من أصحاب اللعبة، تقرع الطبول بأنواعها الثلاثة النقرزان والعلبة والمدم ( الثلاثة الولايف كما تسمى) بالإضافة إلى المرواس كآلة حديثة قادمة من بحارة جدة ولا يفضلها أحيانا كبار السن، ينزل إلى الساحة أو الميدان شخصان في رقص ثنائي آسر حول النار وبيديهما (الشون) وهي العصا أو النبوت كما تعرف في مصر أو العود، ينتهي الشخصان من جولتهما حول النار وتسمى الجولة ( جوش) وينزل إلى الميدان آخران في تناسق مبهر، وإذا دخل شخصان الساحة ولم ينته اللذان قبلهما من جوش كامل يعد ذلك إهانة واستفزازا وتعديا على قوانين اللعبة، ويتحول اللعب إلى مشاجرة وعنف.
الجانب المظلم من هذه اللعبة يكمن في مثل هذه التعديات والإهانات ونمو الأحقاد وتعنصر الصفوف ضد بعضها البعض، أحيانا إذا أراد لاعبو صف ما إثبات قوتهم يذهبون إلى خارج الساحات المعروفة باسم «لعب الخلا» حيث لا يحضره الكبار والشيوخ ولا يستضاف إليه أحد، وعادة يجتمع فيه الخصوم.
وفي الوقت الحاضر تلاشى المزمار بصورته الأصيلة وقوانينه وقيمته الحقيقية، ليصبح مقتصرا على المناسبات والأفراح في صورة حديثة تخلو من الجدية والالتزام، مما قربه إلى صورة رقصة شعبية حرة مجتثة من أصولها وأساطيرها وتاريخها القديم.