محمد أحمد بابا

حبيته وطلع ما يستاهل

الأحد - 06 أغسطس 2017

Sun - 06 Aug 2017

لا يمكن أن تكون العاطفة إلا خيرا وبركة وصفاء تؤتي أكل الارتياح وتثمر جنات سعادة لحاملها والمحمولة إليه، فلا يفشل المحبون ولو ذهب الحبيب.

في وجوه الناس التقاطات للحب مثل «سنارة الصيد» يكتشف ابتسامة الحب فيها من بقلبه حب، ويعرف الحب، ويمارس الحب، ويترجم الحب، ونشأ على الحب.

الحب ميدان السباق بين النفس والنفس، وليس من طرف آخر في الحب لذات الحب إلا الحب نفسه، ومن نحبه هو ترجمة فقط لما نشعر به، ليس عليه التزام عقد تبادلي، وبذلك يكون الحب ماء الحياة وسماد العافية.

نخطئ كثيرا- في وجهة نظري - حين نتوقع بأن علاقة حب بين اثنين هي محك الاختبارات وساحة التجارب لنخرج بتصورات عن الذي نحبه بأنه يستحق أو لا يستحق.

نحن عندما نحب إنما نحسن لأنفسنا وقلوبنا قبل غيرنا، فلا إحسان في الحب تفضلا ولا منة، إلا إذا كان حبا من عينة (حبيته وطلع ما يستاهل).

وجدت الحب أجمل الأدوات لنضارة الوجوه ونقاء القلوب وشفافية الإحساس، بل ووجدت الحب فلسفة القيادة نحو الجودة والمصداقية، ووجدته آلة حسن الاستمتاع بالموجودات والهبات.

الحب فأل المنصفين، وشعار الصادقين، وثياب الجمال، ولحظات التجلي، والحب أمزجة الذواقين، ونغمة السّميعة، وابتسامات الأذكياء.

من لا يعرف الحب بهكذا طريق - أظنه - من أعجز الناس حين تبكي طفلة مظلومة، أو يئن مريض الكلى، أو تقطف وردة من غصنها، أو تسيح حلوى من فم صغير، أو يعجز أهل عن فاتورة طبيب.

الحب انجراف نحو نداءات الجاذبية، واستغلال لأجراس التميز، وارتقاء نحو سلم الصعود، والحب امتلاك الغير لك برضى منك حيث أنت حينها صاحب احتياج، والحب أرق من طيف يوم غيث بجانب زهر بيلسان.

راقبت الحب

فعثرت على آثاره في نفوس الصغار والكبار أنجع الأدوية في مضادات الطغيان، وأسلم الطرق الموصلة لإعمار الدنيا، وأهدى الوسائل الفعالة لإشاعة السلام.

من الحب تعليم بالممارسة، وتقليد بالمحاكاة، ونقل بالتجربة، وحكاية تجر قصة، فيأخذها لسان محب لأذن حبيبه فتحدث المفاجأة بأنهما اليوم حبيبان في صورة انسجام.

برامج الحب يتقنها الجاهزون بحسن الظن، ويداوم عليها الموقنون بأن اختلاف الناس ظاهرة صحية، ويحدثها البارعون وفق المواقف، وتظهر إمكانياتها حين يحزن المحبطون.

الحب فاكهة الزمان ولو استعصت الأمنيات، (نتعب نغلب لكن بنحب.. نشتك منو لكن بنحب.. أهل الحب صحيح مساكين) وما أجمل المساكين، يحبون الخبز ويحلمون به ولا يجدونه، لكنهم أصدق الناس حين يهدى لهم سيقولون لك: هذا هو.

فلم العتب على إشاعة الحب؟ وما عرفنا فيه إلا الحب، كلنا بلا استثناء نستحقه.

في الحب إنجازات العلماء وعمق تفكير الفقهاء ووقود إبداعات الشعراء، وفي الحب مادة أولية التكوين ما اختلطت بشيء إلا ضحت بتماسكها لتتمدد في عبق المسامات مزاج السعداء.

albabamohamad@