عبدالله المزهر

أنا حزين لأنكم لا تحزنون!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 01 أغسطس 2017

Tue - 01 Aug 2017

لدي ظن كأنه اليقين، أن كثيرا منكم حين يعلم أن فكرة هذا المقال الرئيسية هي رثاء شجرة فإنه لن يأخذ الأمر بجدية. والحق أيها الناس أن هذه هي المشكلة الرئيسية. فالأشجار تموت هي الأخرى، لكن التعامل مع البيئة - وكأنها شيء ثانوي لا أهمية له - هو المشكلة الحقيقية. وربما ينبري لي من يلوح بيده مستفهما وغاضبا: أين أنت من الأرامل والمطلقات. وقد يتحمس آخر ثم ينظر إلي شزرا قبل أن يسألني في تهكم: وهل انتهت كل مشاكلنا حتى تحدثنا عن حزنك على شجرة لقت حتفها في البرية؟!

منظر تلك الشجرة العملاقة المعمرة التي صمدت ربما مئات السنين في الصحراء قبل أن يعيث فيها منشار «حطاب» جاهل أناني مريض، منظر محزن حقا لكن الأكثر ألما أنه لا أحد يهتم ويعتبر أن الأمر جريمة حقيقية مكتملة الأركان.

تستفزني كثيرا تلك الكائنات التي تتعامل مع كل شيء بأنانية ولا مبالاة، كالذي يعتبر أن قطع شجرة أو رمي مخلفات أو توسيخ مكان نظيف عمل عادي لا يضر أحدا.

وأنا مؤمن أن الإنسان كائن همجي فوضوي لا يضبطه إلا القانون، ولا يقوم سلوكه إلا العقاب. ولذلك فإن الكثير من المواعظ والحملات ـ مع أهميتها ـ دون وجود قانون وعقاب رادع ستبدو وكأنها قصائد جميلة يلقيها شاعر أبكم على مجموعة من الصم.

ثم إن محاولة فهم الشخصية العدوانية التي تستمتع بتدمير كل شيء «عام» أمر مهم أيضا، لا بد من معرفة الطريقة التي يفكرون بها، ما هي المتعة التي يجدونها في تشويه الجمال، وما هي الفكرة التي يعتمدون عليها وتجعلهم يعتقدون أن من حقهم التصرف مع البيئة بأرضها وسمائها ومائها وحيواناتها وأشجارها كيفما يشاؤون، دون أن يكون لأحد حق الاعتراض على إفسادهم في الأرض، بما أنها ليست ملكا لأحد.

ومن ذلك الذي أقنعهم بأن الوطنية قصائد وشيلات وشتائم، وأن حب الحياة والناس والطبيعة والبيئة أعمال «رخوم» لا تليق بالوطنيين الجدد.

وعلى أي حال..

أنا حزين فعلا من أجل تلكم الشجرة المواطنة، شريكة الوطن، وأخواتها اللواتي أصبحن رمادا دون أن يصور موتهن أحد. ولن يتغير هذا الواقع لمجرد أنكم تستتفهون أسباب حزني، ولا تعتقدون بوجاهتها.