محمد حطحوط

دومينوز.. قصة بيتزا سيئة!

الاحد - 09 يوليو 2017

Sun - 09 Jul 2017

في الهزيع الأخير من ديسمبر 2009 حطت رحالي في ولاية ميتشجن الأمريكية، ليلها الشاتي الطويل، وبيئة لا تعرفك ولا تعرفها، وبدأت معركة الغربة مع طقس جديد، ومجتمع جديد، ولم أكن أعلم وقتها أن هناك معركة أكبر تخوضها شركة دومينوز في الولاية نفسها، وفي مدينة أناربور الأمريكية التي يفصلني عنها مئة ميل فقط! تحول صعب لشركة كانت في يوم من الأيام قصة نجاح مذهلة.



دومينوز هي أسرع شركة وجبات سريعة نموا في الثمانينات، وتمتلك 8 آلاف فرع - وقتها - حول العالم وتتهيأ للاحتفال بعيد ميلادها الـ50 في عام 2010، ولكن حدث أمر غير قواعد اللعبة تماما. خبر حل كالصاعقة على الشركة في أناربور.



بداية المشكلة التي غيرت كل شيء في دومينوز أن هناك نزولا في المبيعات، بالإضافة إلى أن شركة (براند كيز) وهي متخصصة في أبحاث التسويق، ومقرها نيويورك، نشرت استطلاعا شاملا لذائقة الناس لمطاعم البيتزا في أمريكا، وكانت الإدارة العليا تنتظر التقرير احتفالا به، ظنا أنها ستكون ضمن أفضل ثلاثة مطاعم بيتزا في العالم!



الخبر الموجع أنها تذيلت القائمة، وتفوقت عليها بالطعم بيتزا تشيكي تشيز، وهي شركة ألعاب أطفال لا دخل لها بالبيتزا! كانت لحظة حاسمة أمام دومينوز لقيادة تغيير وتطوير للمنتج. ولكن ما هي الخطوة رقم واحد؟ وهنا مربط الفرس من المقال، عندما تواجهك مشكلة مماثلة.. من أين تبدأ وكيف تصلح الخلل؟



يقول مديرها التنفيذي باتريك دويل: قررنا أن نقترب من عملائنا ونسألهم - بصدق - ما رأيكم في طعم بيتزا دومينوز؟ كانت الإجابات جارحة، خصوصا للشيف سام فوزر الذي أمضى 25 سنة من إعداد البيتزا، عندما سمع عميلا يقول: عجينة البيتزا بالنسبة لي كأنها كرتون! بلا طعم.. بلا لون.



ومع كثرة النقد وحدته، قررت الشركة قرارا جريئا: لن نقوم بتطوير منتجنا الحالي، وإنما سنبدأ من الصفر وسنعيد صناعة كل شيء وكأننا مطعم جديد، بداية من العجينة، الأجبان، الصلصة.. كل شيء. والأهم أن الرأي النهائي - الذي يحدد طعما جيدا أو سيئا - ليس الشيف ولا حتى المدير التنفيذي، وإنما العميل والعميل فقط.



بدأ العمل الدؤوب الذي لا ينتهي للوصول لخلطة جديدة تناسب ذائقة العملاء، وفعلا وصلوا لها بعد رحلة طويلة، وذهبوا للعملاء في منازلهم، أصحاب وجهات النظر الحادة تجاه البيتزا القديمة، وطلبوا منهم رأيهم - بكل صدق - في البيتزا الجديدة، حيث راقت لهم النكهة الجديدة، والأهم أحس العميل أن صوته مسموع.

بعد ذلك قررت الشركة إطلاق حملة ترويجية هي الأكثر جرأة بعنوان (حملة الانعطاف لبيتزا) Pizza Turnaround، ولخصت قصة التحول كاملة، بما فيها رأي العملاء القاسي عن البيتزا القديمة، وقال مسوقون: أن تدفع ملايين لتخبر الناس عن أقسى ما قاله عملاؤك عنك يعتبر انتحارا لعلامتك التجارية! ولكن النتيجة، وللشفافية مع العميل، ولأنه مركز التغيير، كانت حملة ناجحة، إذ حققت أفضل حملة ترويجية لعام 2010، مما أكسبها ثقة العميل والأهم زيادة في المبيعات بنسبة 14%! ولأن الاقتراب من العملاء سيفتح لك بابا كبيرا من التطوير، أطلقت دومينوز سيارات خاصة اسمها DXP، تحمل أفرانا صغيرة تتسع لـ80 بيتزا حتى تصل إليك ساخنة وطازجة.



قصة تحول مذهلة وجريئة خصوصا لمنظمة دخلت عامها الـ50، لأنها تدرك أننا في عصر (رضى العميل)، إذ لا يمكن أن تنافس في المستقبل شركة لا تضع عملاءها في قلب كل قراراتها الاستراتيجية. هذا هو سر انتشار الشركات الأمريكية حول العالم، العميل أولا وثانيا وثالثا.



- قررنا أن نقترب من عملائنا ونسألهم - بصدق - ما رأيكم في طعم بيتزا دومينوز؟ كانت الإجابات جارحة.

المدير التنفيذي باتريك دويل



- الشيف سام فوزر سمع عميلا يقول: عجينة البيتزا بالنسبة لي كأنها كرتون! بلا طعم.. بلا لون.



- مديرة التسويق تستعرض نماذج لنقد حاد من العملاء حيث علقتها الشركة في مطبخ الشيف الذي قاد عملية إعادة صناعة البيتزا.



- أنشأت الشركة موقعا لتوثيق عملية التغيير كاملة بكل شفافية مع عملائها



mhathut@