عبدالله المزهر

كلاشنكوف ابن تيمية!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

السبت - 08 يوليو 2017

Sat - 08 Jul 2017

محاكمة الأموات تصلح كفكرة لعمل فني، وفي الغالب سيكون عملا كوميديا. أما تحميل الأموات مشاكل الأحياء فهو في الغالب هروب من الواقع واختباء خلف ما لا يحمي من شك ولا يقي من خوف.



وابن تيمية هذه الأيام هو ذلك الستار الذي يختبئ خلفه كل من لا يريد أن يواجه الواقع، أو بمعنى أكثر دقة «من لا يجرؤ على مواجهة الواقع».



ونقد تراث ابن تيمية ـ أو غيره ـ ليس مقبولا فحسب، ولكنه مطلوب أيضا، ولكن السؤال المهم هو من يحق له فعل هذا؟!



وإجابة هذا السؤال سهلة ومتاحة ويسيرة وهي أن من يحق له فعل ذلك هو من اطلع على كتب ومؤلفات ابن تيمية وقرأها ولو قراءة عابرة. والحقيقة أنه سيكون مقبولا أن يكون من يتصدى لهذا الأمر يعرف أسماء الكتب والمجالات التي ألف فيها ابن تيمية حتى ولو لم يقرأها، أما النقد الببغائي الذي يردد عبارات مجتزأة من سياقاتها فإنه ليس نقدا ولا بحثا ومحصلته النهائية أنه مجرد كلام لا يعتد به.



ولست أدافع عن ابن تيمية ولكني أدافع عن عقلي، وهذا هو ما أحاول فعله في غالب ما أكتبه وأتبناه. وعقلي ـ حتى هذه اللحظة ـ يرفض فكرة جلب شخصية من التاريخ كانت لها آراؤها ومواقفها ــ الصحيحة أو غير الصحيحة ـ التي كانت في ظروف معينة ووفق سياقات تاريخية وسياسية واجتماعية مختلفة ثم أحملها مشاكل الحاضر. وأحملها مسؤولية قصور «الأتباع» في التفكير والاجتهاد وفق سياقات حاضرهم الاجتماعية والسياسية.



هذه الحالة من التسطيح تشبه تحميل كلاشنكوف ونوبل دماء كل القتلى الذين ماتوا بأدوات كانت من أفكارهما. ثم المطالبة بمحاكمتهما والحكم عليهما بالإعدام رميا بالرصاص ـ الذي سيكون من بندقية كلاشنكوف في الغالب.



وعلى أي حال..

المقلق في هذه المحاكمات أن من يتزعمها هم غالبا ممن يصنفون على أنهم مثقفون أو أدباء أو رموز، وهذه مشكلة تحتاج لنقاش وبحث عن حلول أكثر من نقاش وحل مشاكل ابن تيمية. لأن هؤلاء يفترض أنهم آخر من يدعو إلى تقديم «المعلبات» الثقافية الجاهزة وقليلة الفائدة كحلول لأزمات ومشاكل مجتمعهم.



@agrni