طلال مداح علمنا الحب والعطاء

الجمعة - 07 يوليو 2017

Fri - 07 Jul 2017

قبل أيام وصلتني رسالة نصها «أمس قمت بأداء مناسك العمرة عن طلال مداح أسأل الله أن يكتب لي وله الأجر والثواب»، لم أستغرب هذا العمل الجليل لأنني أعرف صديقي بأنه من المحبين والعاشقين للفنان الراحل كما هو حالي، والكثير ممن أعرفهم المتيمين بحب قيثارة الشرق.

أعرف أن الموتى بحاجة لدعواتنا لهم، ولكني لم أكن أعرف شخصيا كيف أزرع وردا من العطاء ليخلق ظلا بهيجا لصوت الأرض. وأدرك أنه حينما تحب شخصا فإنه ينبغي لك ألا تقف محبتك له على الكلمات العذبة واللطيفة أمام الملأ، ولكن عليك بأن تترجم ذلك الحب إلى أفعال وأن تشجع كل من حولك ليبذلوا شتى أنواع العطاءات كما لو أنها لأنفسهم.

فما أجمل المسلم الحقيقي الذي يحاول أن يقدم للذين يحبهم الخير ولا ينشغل عنهم حتى لو أخذتهم مترفات الحياة ومتاعبها. وما أقبح الناس الذين يحبطون ويثبطون عملا إنسانيا نبيلا، لترتاح ضمائرهم السوداء بأن الجنة لا تتسع إلا لهم فقط.

صديقي شق طريق الوطن من أقصى الجنوب برا إلى بيت الله الحرام ليحاول أن يقدم ولو شيئا بسيطا مما قدمه الراحل للشعب السعودي والوطن العربي، ولا يتردد للحظة في تذكيرنا بالصدقات البسيطة وأعمال الخير لهذه القامة الفنية العظيمة لأنه يعشقه حد الثمالة، ويحبه وكأنه أحد أفراد أسرته. وهذا ليس بغريب على من أصله طيب ومعدنه ذهب، ولكم أطربنا أبو المساكين صوت الأرض بصوته النبيذي وردد في أغنيته المشهورة ليصفهم لنا ويخبرنا عنهم:

هذا خبري فيك ظني ما كذب

الأصل طيب والمعدن ذهب

يللي ما مثلك بالدنيا مثيل

يا ونس روحي ويا ضي العيون

من أصل وافي وقليبك حنون

وين ألاقي مثلاتك أصيل

وكأنه يعلم بأن هناك من سيقاسمه أعمال الإحسان ولو بعد مماته كما كان يقاسم المحتاجين والفقراء وكل الذين يقفون أمامه لحاجة ما.

هؤلاء الرجال النبلاء هم في الحقيقة ينابيع من الوفاء لو شربت كل كائنات الكون منها لزادت وفاضت، وذلك ليس بغريب على جمهور زرياب لأن أستاذهم كان أحد النماذج الحقيقية للإنسانية.