من خطب الجمعة

السبت - 01 يوليو 2017

Sat - 01 Jul 2017

انحرافات العبادة



«من البديهيات أن يعرف كل منا الحكمة التي من أجلها خلقه الله وما هي العبادة التي أرادها الله منا؟ وما مفهومها في الإسلام؟ وهل هو ما يعتقده بعض الناس من مجرد أداء الصلاة والزكاة والصيام والحج فقط؟



إن غاية الوجود الإنساني كله محصورة في العبادة لا تتعداها إلى شيء غيرها على الإطلاق، بمعنى أنها تستغرق حياة المسلم جميعها، وقال تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)، فالإسلام هو الحياة، فلا بد أن يشمل كل مناحي الحياة ولا يقتصر على جانب دون جانب، فكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة إذا صحت النية وأحبها الله وارتضاها فهي عبادة، فحركاتك وسكناتك وتعاملاتك إذا أحسنت النية فيها فهي عبادة، بل تبسمك في وجه أخيك، وإماطة الأذى عن الطريق، والحياء عبادة، وحسن العشرة والأخوة في الله، والصدق في الحديث والمغفرة للآخرين والصفح عنهم، وحسن الخلق، وطلب الرزق والكسب والسعي على النفس والرعية من العبادات العظيمة التي يؤجر عليها صاحبها إذا كان متبعا فيها الشرع ناويا من ورائها مقصدا شريفا، والمباحات للمسلم قد تصير طاعة يثاب عليها فالأعمال الغريزية قد تصبح عبادة بالنية الصالحة، ويؤجر عليها المرء، والفكر الذي يدعو إلى فصل الدين عن الحياة أثر على كثير من الناس فأخرجوا العبادة عن جوانب الحياة المختلقة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وغيرها، وصاروا يرون أن العبادة تمارس في المسجد، أما إذا كان في الأعمال الدنيوية فلا علاقة للدين بذلك، حتى إن بعض الناس ينظر إلى الشعائر التعبدية على أنها هي كل العبادة المطلوبة، وأنه إذا أداها فقد أدى كل ما عليه من العبادة ولم يعد لأحد أن يطالبه بالمزيد، فإذا أدى أحد واجب النصيحة تجاهه ونهاه عن ارتكاب المنكرات، قال: يا أخي ماذا تريد منا فقد صلينا وزكينا وصمنا وحججنا، وهذا من أعظم الانحرافات في تصور مفهوم العبادة».

فيصل غزاوي - الحرم المكي



علامات القبول



«في انصرام الأزمان أعظم معتبر، وفي تقلب الأيام أكبر مزدجر، لقد ودعنا قبل أيام قليلة شهرا كريما وموسما عظيما من مواسم الخير والبركة، كان عامرا بالأرباح والعطايا والهبات والمغفرة والرحمات، حيث كانت المشاعر جياشه والعيون فياضة، والقلوب مخبتة وجلة، والجوارح نشطة مقبلة، وحلق الذكر ورياض الجنان عامرة بالذكر والقرآن، وللعبادة أثر في سلوك صاحبها كما قال تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، ومن علامات قبول الأعمال تغير الأحوال إلى أحسن حال، وفي المقابل فإن من علامات الحرمان وعدم القبول الانتكاس بعد رمضان وتغير الأحوال إلى الأسوأ، فالمعاصي يجر بعضها بعضا، فما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحها، وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها، وما أقبح السيئة بعد الحسنة تمحقها، ذنب واحد بعد التوبة أقبح من أضعافه قبلها. وحث فضيلته على التعوذ من تقلب القلوب».

عبدالله البعيجان - الحرم النبوي