أبناء الشهداء.. عيدهم وطن

الجمعة - 30 يونيو 2017

Fri - 30 Jun 2017

حاولت أن أتخيل عيد الطفل الذين فقد أباه الراحل أثناء دفاعه عن وطنه، الشهيد في ساحة المعركة، أتخيل وأتخيل وأتخيل، وفي النهاية قررت أن أتواصل مع أحد الأصدقاء الذين تربطهم صلة قرابة مع أحد الشهداء، اتصلت به مباشرة، وبعد لحظات من الحديث بادرت بطلبي الذي اتصلت من أجله، وهو أنني أريد أن يحدد لي صديقي موعدا لزيارة أسرة الشهيد، وأتمنى أن تكون في ليلة العيد.. لم يمض وقت طويل ليتصل صديقي قائلا: حسنا.. موعدنا مساء العيد.

مساء العيد، حملت نفسي وأنا لا أزال في زاوية التخيل، وبداخلي مجموعة من الأسئلة التي أوجهها لي.. كيف سيكون العيد؟ وكيف سيحتفلون دون آبائهم؟ وكيف وكيف وكيف.. حتى وصلت إلى سؤالي الأهم: هل ابتسامة ذلك الطفل في العيد شبيهة بابتسامة الأطفال الذين يحتفلون في أحضان آبائهم؟!

وصلت لمنزل الشهيد، لأشاهد مجموعة من الأطفال يلعبون أمام باب المنزل، لأسأل صديقي: أين ابن الشهيد من هؤلاء؟

كانت الابتسامات متداخلة ولا يمكنني أن أعرفه من بينهم، ليشير إليه: هو ذاك..

لم أشاهد أمامي طفلا يغطيه الحزن والدموع والفقر، بل شاهدت بطلا يكسر الأحزان متوشحا بالفخر بما قدمه والده لتراب هذا الوطن الغالي، والذي يستحق منا الكثير.. أمسكت بمشاعري المختلطة بين الفخر والبكاء وذهبت للطفل الذي لم يترك لي مجالا ولا لحزني، بل كان يتحدث معي عن العيد وفرحة العيد وكأنه يقول: العيد بالنسبة لي عيدان، عيد باستشهاد والدي، وعيد الفطر المبارك.

أيقنت حينها بأنه لن يتضرر وطن وهؤلاء الأطفال هم مستقبله ونوره وثروته.. وسيبقى وطننا آمنا بالله ثم بقادته وعزيمة وإخلاص أبطاله المرابطين على الحد الجنوبي وفي كل مكان.

يقال «من خلف ما مات»، الشهيد غادرت روحه إلى السماء وما زالت أنفاسه تعطر الأرض وتمد له يد الأمان، الشهيد الذي دفن جسده وترك خلفه أبطالا يدافعون عن وطنهم إلى الأبد.

سأختم بأمهات وزوجات الشهداء اللاتي هدمن الحزن ليقمن مكانه «زغاريد» تملأ الكون وهن يودعن أبطالا وقفوا لأجل الوطن، وحولهن أطفال يداعبون التراب ويرسمون عليه أحلامهم التي يتمنون أن يحققوها لهذا الوطن العظيم.

الأكثر قراءة