دموع الرجال

الأربعاء - 21 يونيو 2017

Wed - 21 Jun 2017

جمعت ليالي رمضان بين طرفي الفرح والحزن، ووضعتهما في قالب تراجيدي حقيقي، فالفرح أتى من شلالات الخير عبر الحريصين على تطهير أموالهم بالصدقة والزكاة، الذين ساهموا في رسم صورة الفرح، بخروج أعداد كبيرة من مساجين الحقوق الخاصة ليقضوا ما تبقى من شهر الخير، وليالي العيد السعيد مع أهلهم وذويهم، في جانب الميلودراما تكتمل الصورة بواقعها الحقيقي، بدون رتوش تجميلية وهمية، وبدون غربال يحجب شمسها، من خلال «دموع الرجال» التي هطلت بعفوية وصدق، ليس فرحا بالخروج من السجن، وإنما حزنا بدخول سجن الحياة العامة التي لا ترحم ولا تتجمل، هذه الدنيا الفانية في غيها وكبريائها تذوب فيها الشخوص بأسرارها وقصصها الإنسانية.

تتكالب الظروف على بعض الرجال في خضم بحثهم عن لقمة العيش، ومن خلال ممارسة عروض التجارة، تختل التوازنات الاقتصادية فيهوي في براثن الخسارة، وتبدأ الديون في حصاره، ليذهب للسجن ويعيش خلف القضبان بعيدا عن أهله، ويبدأ سيناريو لجان التراحم في تنظيم حملات لجمع المال من أجل إخراج مستحقي المساعدة الفعلية، ومن ثم فتح الأبواب لهم للعودة للحياة، فهل انتهت الحكاية؟

الواقع يقول غير ذلك فقد تم حل نصف المشكلة، وتركوا السجناء يواجهون النصف الآخر، بدون سلاح، وبدون مجاديف تساعدهم على الإبحار في دهاليز هذه الحياة الصعبة، يقال والعهدة على الراوي إن السجون تقوم بتدريب المساجين على المهن والحرف، وحفظ القرآن الكريم، وتهيئ لهم العديد من فرص العيش، لكن الفرص ضئيلة أمام هذه المخرجات، بل إن الجهات التي من المفترض أن تشغلهم ترفضهم كما هو حال المجتمع الذي يتعامل معهم بلغة الإقصاء.

لقد شاهدت شلالات الفرح في مسارح حملات «تفريج كربة» التي تستهدف كسر حواجز السور والحارس والقضبان لخروج أكبر عدد ممكن من المساجين المديونين، وشاهدت على الطبيعة «دموع الرجال» المرتبكة من مواجهة الأطفال ليلة العيد بدون كسوة وبدون حلوى، وبين الحالتين تتضح معالم القصور والخلل، وتتضح الأسباب التي تدفع بعضهم للهروب من سجن الحياة القاسي إلى السجن الأرحم.