لا تخليني أفطر عليك!

الاثنين - 05 يونيو 2017

Mon - 05 Jun 2017

الحمد لله على نعمة الوصول إلى سيد الشهور، ومشاهدة «الدراما» التي تحدث قبل الفطور، لك أن تتصور طابورا من المتحمسين لطبق فول يتقافز فيه الناس، والفوز لمن أوتي بسطة في الجسم والطول، فالمهم هو الوصول لجرة الفول.

غالبا أتجنب الخروج بعد العصر أو قبيل المغرب، ليس جبنا (معاذ الله) لكنني أرى الفعل في غيري، فالشوارع على سعتها لا تتسع لغضب أحدهم عندما يجلس خلف مقود السيارة فهو يتحول إلى شخص ممسوس تكاد عيناه تخرج من محجريها، والويل والثبور وعظائم الأمور لمن لا يخلي الطريق له، ويتساوى في هذا خلق عظيم لا يحصيهم إلا ربنا العظيم.

ثم يأتي الدور على سفرة الفطور، فنتهافت عليها تهافت الطيور، هذا حلا وهذا لحم وهذه شوربة وشيء من اللقيمات حتى تمتلئ المعدة ذات المقاس العائلي بكل أصناف الطعام والشراب، ثم نتذكر أن الإمام قام للركعة الثانية لنلحق وعلى عجل شيئا من صلاة المغرب.

أما الشوط الثاني فمع معركة قضم وهضم البقية الباقية من الأطعمة، والباقي يأخذ طريقه إلى صناديق النفايات دون التفاتة من أحد، فالكل مشغول بمتابعة برنامجه المفضل إلى وقت العشاء.

لك أن تتخيل وقوفنا في العشاء والتراويح، فنحن لا نكاد نكبر حتى تأتيك كمية من أبخرة الأكل المعطر ببصل أو ثوم حتى تكاد تصل إلى الحلقوم، أو يأتيك صوت هاتف جوال يقطع عليك حبل اتصالك وصلاتك دون وجل بأصوات صارخة تطير معها كل صور الخشوع والخضوع لرب يأمرنا بالزينة عند كل مسجد والبعد عن ذوات الروائح والعطر الفائح مراعاة لقدسية المكان وإنسانية الإنسان وروحانية ملائكة الرحمن.

أما ثالثة الأثافي والبلاء الدائم فهي تحول الساحات الخلفية لأفضل البيوت (بيوت الله) إلى ساحة يمارس فيها الأشقياء من الأطفال هواياتهم التي حرموا منها في بيوتهم، فتتحول إلى مهرجان لممارسة (الكاراتيه) بالرفس والركل وتطاير علب الماء التي تتحول بقدرة قادر إلى صواريخ عابرة للصفوف، فينال منها سعيد الحظ أو سيئه دشا باردا يزيد طينته بلة، ومع مرور الزمن يصبح الغريب من هذه السلوكيات مألوفا، ويفتر عجبنا منها وإعجابنا بها!

إننا نشكو ونرفع الصوت كل رمضان من هذه السلوكيات المزعجة في شهر القرآن والرحمة والغفران، لكننا نتواكل ولا يبادر كل منا فيرعى رعيته وقبلها تهيئة نفسه وطهارتها ظاهرا وباطنا حتى نقف بين يدي الله دون إزعاج لمن حولنا من المصلين، فينتهي الشهر ونحن ما زلنا نبحث عن المسؤول عن هذه الأخطاء ونلوم الجميع إلا أنفسنا!

الأكثر قراءة