سهام الطويري

الليبرالي والراديكالي المحلي.. قطبا السذاجة

الأربعاء - 24 مايو 2017

Wed - 24 May 2017

سنوات طويلة مرت منذ تصدر المشهد الثقافي السعودي قطبا الصراع الثقافي المضطرب: الليبرالي والراديكالي، كانت بداية المواجهة بين التيارين مشهدا دمويا في مسرحية هزلية لا بد أن تطلق صافرة البدء بها حتى تحدث الموازنة والمراجعة العقلية لاحقا لدى الجمهور المشاهد أو المعجب.

في كل المجتمعات المتحضرة حدثت تلك المسرحية ولكنها بعد سنوات اضمحلت وتثاءبت وانطفأت واتجه الجميع إلى ميزان العقلانية والنمو الاجتماعي والتحضر على المستوى الفردي.

الآن وبعد مرور كل هذه السنوات ومع العولمة ومع كل هذا الانفتاح والتواصل عبر السوشال ميديا فإن الصراع الليبرالي الراديكالي لا يزال في نقطة الصفر أحيانا حينما يكون الحديث عن المرأة، لا يزال كل طرف في نقطة بدايته، لم يتقدم أحد، فالراديكالي يدعي الفضيلة من خلال شن الحروب على الليبراليين بوصفهم مبشري الانحلال في المجتمع، والليبرالي يدعي الانفتاح من خلال شن الحرب على الراديكاليين وانتقاد خصوصيتهم المنغلقة بوصفهم عرابي التطرف في المجتمع.

لا الليبرالي ولا الراديكالي أساس التقدم الحضاري والثقافي في مجتمعنا بناء على الصياغات التي يقدمون أنفسهم بها، مجتمعنا يعاني من غياب المفكر والفيلسوف والعالم والأديب الرفيع. الحصول على كفة راجحة من المفكرين والفلاسفة والأدباء والعلماء لن يكون من خلال متابعة أفلام الصراع بين هذين التيارين.

حينما يقرأ أي فرد تعليقا مثلا لمغردين بريطانيين على واقعة أو حادثة إرهابية مثلا سيجد البون الشاسع في استخدام أساليب وأدوات لنقد وتفنيد النصوص وغيرها. استخدام العقل وتوظيفه هو الرهان لفرض وجهة النظر لأن تراشق الاتهامات وتصنيف المجتمع إلى ألوية ومعسكرات فكرية يدعو إلى الإفلاس في النهاية.

اليوم لا يوجد في الدول المتقدمة راديكالي أو ليبرالي يفرض رأيه على المجتمع المنطقي، فالمجتمع المتقدم لا يتحيز لا إلى هذا ولا إلى ذاك، ولكنه يجد ما يحقق له المنفعة. العقلانية تقود المجتمع إلى البحث عن المنفعة التي لا تخلف ضررا وتحقق السلم. ولذلك زمن الليبرالي والراديكالي انتهى في الدول المتحضرة، يأتي التفضيل لهذا أو ذاك حسب النظرة إليه أولا كأداة تحقق المنفعة الفردية دون أن تكون هناك آثار سلبية. فتجد التداخل أحيانا مقبولا بين التيارين بعكس حالة التناحر المرضية في الساحة المحلية، متى سيرحل هؤلاء ويتركون المكان لربما يوجد في المجتمع علماء وأدباء ومفكرون وفلاسفة أحق بتلك المساحة.

sehamaltwiri@