الضرب في الميت حرام

الجمعة - 05 مايو 2017

Fri - 05 May 2017

ليس كل الأموات يحرم ضربهم، فهناك من هم كالأموات ويستحقون الضرب، حتى يتحرروا من حالة الإغماء التي تردوا فيها، وعملية الإنعاش إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها إيقاظ المتحجر وانتشاله من سباته العميق.

وبعض الشركات التي تعمل تحت مظلة أمانة محافظة جدة تعد من الأموات ضمنيا، أموات دماغيا وأموات حسيا وأموات أيضا لعدم استشعار المسؤولية، والأمانة مسؤوله عن إنعاشهم وعن استنهاض هممهم وإلا لأصبحت مثلهم في عداد الموتى إما بالتبني الذي يصعب الانفكاك عنه أو بانتقال العدوى بعلة لا يرجى برؤها. فأمانة جدة ليست ككل الأمانات فهي وإن كانت تشارك غيرها من الأمانات في الهيكلة الإدارية وفي أنواع المهام الموكلة إليها؛ بيئية كانت أم صحية، إلا أنها تختلف عن باقي أمانات المناطق لما تحمله هذه المدينة من أهمية جعلتها محط أنظار الجميع، سواء كانوا تجارا ومتسوقين، جماعات وأفرادا، حجاجا ومعتمرين، مواطنين ومقيمين، ولما تحظى به أيضا من مكانة استراتيجية وموقع جغرافي أكسبها قيمة اقتصادية كبرى عبر مينائها الإسلامي كنقطة لالتقاء التجار، وباعتبارها أيضا البوابة الرئيسة لمدينة مكة المكرمة وممرا ومركزا لاستقبال الآلاف من ضيوف الرحمن، كل تلك المزايا والخصال الفريدة التي تميزت بها عروس البحر عن باقي مدن المملكة لم تشفع لها كي تكون على مستوى مشرف من الخدمات، فتصبح أرقى مدن المنطقة في توفير تلك الخدمات، وربما كان اتساع رقعتها أحد أبرز العوائق لمبررات عدم نهضتها، واستمرار امتداد أحيائها شمالا وشرقا من المسوغات التي أفقدت الأمانة القدرة على استيعاب كامل المتطلبات الخدمية، فلم يسع بذلك منسوبوها إلى تدارك التجاوزات التي تقع في محيطها، ولذلك تعثرت الكثير من المشاريع القائمة وتوقفت عمليات الإصلاح للبنى التحتية قبل أن تكتمل، رغم حجم الإمكانات الموفرة لها، ومع تزايد الشكاوى والانتقادات بحق الأمانة، وبالتزامن أيضا مع الوعود المعلقة بينها وبين المواطنين تشتت نظرة المسؤولين تجاه الأعطال والأحداث المستعجلة، فلا بلاغات النظافة أمكن حصرها ولا البلاغات المتعلقة بعمليات الحفر وأعطال الإنارة ظهر حلها، بل ولا الوعود المتعلقة بمشاريع الأمطار ومخلفات السيول أوفيت وأنجزت، إنما علقت دون أن تحقق أهدافها، فيما الأحياء تئن من تراكم الأوجاع، والمواطنون يمنون أنفسهم بلعل وعسى مع استمرار هذه الحال المزرية، والتي شكلت لهم بعضا من القلق والخوف، ولا سيما أن البعض من ضعاف النفوس قد انتهزوا ديمومة هذا الوضع لسرقة المنازل والسيارات في ظل انعدام الإنارة وظلمة الأزقة والشوارع، حيث أمست تلك الشوارع والأزقة دهاليز جاذبة للمخالفات والمخالفين، وبيئة خصبة للجنح والجرائم، وبؤرا حاضنة لكل عمل مشبوه، فعتمة الليل وديجور الظلام دافع قوي لكل جنحة وكل جريمة، ويبدو ورغم كل تلك المعاناة وتلك التوسلات أن الأمانة ماضية فيما هي فيه، ولن تحرك ساكنا أبدا، فيما المواطن يرجو ممن منته المنون أن يحرك ساكنا، وهو يعلم أن قواه قد خارت ويبست جوارحه، وبهذا لم يبق له إلا أن يترحم عليها، فهنا لا حول له ولا قوة إلا أن يقول إنا لله وإنا إليه راجعون.. رحمها الله.. كانت طيبة.

الأكثر قراءة