لا يمكن القول بأن هناك مثقفا ينجو تماما من قيود الرقابة، وهذا الأمر ينطبق حتى على البيئة الغربية التي تبدو ديمقراطية ومنفتحة من الوهلة الأولى، هذا ما لفت إليه الناقد الدكتور سعد البازعي وهو يتحدث مساء أمس الأول في محاضرة «المثقف والرقيب» التي أقيمت في الملتقى الثقافي في جمعية الثقافة والفنون بالرياض.
البازعي حلل فكرة الرقابة نفسها خلال هذه المحاضرة موسعا نطاق فهمها، حيث يرى أنها ظلت مشحونة بدلالات يتخوف منها البعض، كما تناول السلطات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي تؤثر في تشكل الثقافة والإبداع، عادا الثقافة سلطة، والمثقف يملك سلطة ولو لم يكن يملكها لما نشأت هذه العلاقة المتوترة غالبا بين المنتج الثقافي والمؤسسات التي تحكمه أو تضبطه.
المحاضر ربط الورقة بكتابه القادم الذي سيتمحور حول «قلق الهيمنة عبر الثقافات» كاشفا أن أطروحته الأساسية مستمدة من عمل مفكرين وباحثين عدة في مقدمتهم ما كتبه الفيلسوف الألماني ليو شتراوس عن الاضطهاد وفن الكتابة، وما كتبته المفكرة الفرنسية ميريام دالون عن السلطة والسلطان، بالإضافة إلى الفرنسي ميشيل فوكو الذي يعد أكثر من تحدث عن الثقافة والسلطة أخيرا، والإيطالي أنطونيو جرامشي صاحب مفهوم المثقف العضوي وأحد أهم من اشتغلوا على تطوير المقاربة الفلسفية لفكرة الهيمنة.
وقد ركز البازعي على خصوصية تجربة المفكر إدوارد سعيد من حيث وجوده بين ثقافتين الأمر الذي أعفاه من قيود رقابية عربية، لكنه جعله يواجه معاملة خاصة لأنه فلسطيني وليس غربيا، كما أنه لم يسلم من سلطة المستشرقين الذين وصفوه بالجهل، غير أن هذه التجربة جعلته ينظر للسلطة ويكتب عنها من زاوية مختلفة، حيث كان يرى أن الواجب الفكري الأساس هو البحث عن تحرر نسبي من مثل هذه الضغوط، ومن هنا كان تصويره للمثقف كمنفي وهامشي وهاو وخالق لغة تحاول قول الحق للسلطة.
وذكر المحاضر أن إدوارد سعيد ظل يعد تشومسكي مثقفا مهمشا لأنه لا يتوقف عن تعرية السياسة الأمريكية والصهيونية، بكلام مدعوم بالأرقام والتواريخ، فتعرض لتجاهل الصحف الكبرى أو الإعلام، وعانى من التهميش من إعلام لم يكن رسميا وإنما هو إعلام يدافع عن مصالحه، ويضيف البازعي «الطريف أن المفكر تشومسكي قال الشيء نفسه عن إدوارد سعيد عند وفاته!».
«عند ذكر كلمة الرقيب يتجه الذهن عادة إلى الموظف المسؤول عن إجازة الكتب أو إلى جهات تمارس الرقابة على المنتج الفكري، في حين أن الرقابة بحد ذاتها مفهوم ضخم وكبير، لقد ربط الذهن هذا المفهوم بمعان سلبية أو سلطوية تقيد الإنسان، وهذا صحيح إلى حد كبير، ولكن هناك الرقابة الذاتية بين الإنسان ونفسه، ورقابة المؤسسات على المجتمع، ورقابة المجتمع على المؤسسات، إنها شبكة نعيشها ونمارسها يوميا».
الدكتور سعد البازعي
البازعي حلل فكرة الرقابة نفسها خلال هذه المحاضرة موسعا نطاق فهمها، حيث يرى أنها ظلت مشحونة بدلالات يتخوف منها البعض، كما تناول السلطات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي تؤثر في تشكل الثقافة والإبداع، عادا الثقافة سلطة، والمثقف يملك سلطة ولو لم يكن يملكها لما نشأت هذه العلاقة المتوترة غالبا بين المنتج الثقافي والمؤسسات التي تحكمه أو تضبطه.
المحاضر ربط الورقة بكتابه القادم الذي سيتمحور حول «قلق الهيمنة عبر الثقافات» كاشفا أن أطروحته الأساسية مستمدة من عمل مفكرين وباحثين عدة في مقدمتهم ما كتبه الفيلسوف الألماني ليو شتراوس عن الاضطهاد وفن الكتابة، وما كتبته المفكرة الفرنسية ميريام دالون عن السلطة والسلطان، بالإضافة إلى الفرنسي ميشيل فوكو الذي يعد أكثر من تحدث عن الثقافة والسلطة أخيرا، والإيطالي أنطونيو جرامشي صاحب مفهوم المثقف العضوي وأحد أهم من اشتغلوا على تطوير المقاربة الفلسفية لفكرة الهيمنة.
وقد ركز البازعي على خصوصية تجربة المفكر إدوارد سعيد من حيث وجوده بين ثقافتين الأمر الذي أعفاه من قيود رقابية عربية، لكنه جعله يواجه معاملة خاصة لأنه فلسطيني وليس غربيا، كما أنه لم يسلم من سلطة المستشرقين الذين وصفوه بالجهل، غير أن هذه التجربة جعلته ينظر للسلطة ويكتب عنها من زاوية مختلفة، حيث كان يرى أن الواجب الفكري الأساس هو البحث عن تحرر نسبي من مثل هذه الضغوط، ومن هنا كان تصويره للمثقف كمنفي وهامشي وهاو وخالق لغة تحاول قول الحق للسلطة.
وذكر المحاضر أن إدوارد سعيد ظل يعد تشومسكي مثقفا مهمشا لأنه لا يتوقف عن تعرية السياسة الأمريكية والصهيونية، بكلام مدعوم بالأرقام والتواريخ، فتعرض لتجاهل الصحف الكبرى أو الإعلام، وعانى من التهميش من إعلام لم يكن رسميا وإنما هو إعلام يدافع عن مصالحه، ويضيف البازعي «الطريف أن المفكر تشومسكي قال الشيء نفسه عن إدوارد سعيد عند وفاته!».
«عند ذكر كلمة الرقيب يتجه الذهن عادة إلى الموظف المسؤول عن إجازة الكتب أو إلى جهات تمارس الرقابة على المنتج الفكري، في حين أن الرقابة بحد ذاتها مفهوم ضخم وكبير، لقد ربط الذهن هذا المفهوم بمعان سلبية أو سلطوية تقيد الإنسان، وهذا صحيح إلى حد كبير، ولكن هناك الرقابة الذاتية بين الإنسان ونفسه، ورقابة المؤسسات على المجتمع، ورقابة المجتمع على المؤسسات، إنها شبكة نعيشها ونمارسها يوميا».
الدكتور سعد البازعي