الرعب المقدس

الأربعاء - 03 مايو 2017

Wed - 03 May 2017

لترويج الدعاية لزاما على المسوق أن يزرع فكرته في أدمغة الشرائح المستهدفة من خلال أذرعه وقنواته، وينشئ لهذه الدعاية أيقونة إنسانية ومعبودا للجماهير وفارس أحلام للعقول المغلفة بوهج وضوضاء هذه الدعاية، بحيث لا يرى ولا يسمع إلا ما يريده الممول، ويضيف كذلك رمزية للهدف الذي نحت من أجله ذلك الصنم.

ثم ما تلبث أن تصنع تلك الآلة التسويقية ما يسمى الرعب المقدس الذي يحاول أن يزرع الخوف في النفوس، ويؤكد على عدم الثقة في غير أولئك المسوقين، ويرسخ للمظلومية، ويسعى المستفيد من الدعاية إلى استغلال الأحداث وصناعتها لتدعيم تلك الشكوك، والإيهام بحقيقتها التي بموجبها يستطيع فرض قناعاته كما في مجزرة كيشينيف الروسية أوائل القرن الماضي لدى اليهود، التي بفضلها تم إقناع آلاف اليهود بضرورة الهجرة إلى فلسطين، والذي بدوره يزيد من تقرب الوثني إلى وثنه والتعلق به. بحيث تعيش العقول مرحلة التبني بعد اليتم والحرمان وتصبح كجرم سماوي صغير يدور في فلك كوكب عملاق ضخم، فإن هو تركه فهو في الفضاء أضيع، وفي سرمد الشتات يقبع. أو يطلق التهم جزافا كأحاديث مرسلة دون أدلة دامغة لإقصاء الخصوم وتخويف المختلفين ورميهم بالخيانة أو استعدادهم للتعاون مع الخائن بهدف إفساح الطريق لطرح الأفكار التي يرسم من خلالها خططه في النفوذ والهيمنة كما في المكارثية.

أزعم أن من أحمق وأسخف الدعايات دعاية قرأتها هذه الأيام بعنوان كتاب يقول (عظماء القرن العشرين) لمؤلفه الدكتور بهجة سليمان. ضم هذا الكتاب بين جنباته ما قيل في عنوانه بأنهم رموز للنضال، وهم كما نعلم مجرمو حرب وأساطين شاخصة للفاشية والدموية وقياصرة إهلاك للحرث والنسل كالرئيس السوفيتي لينين والخميني مؤسس دولة الملالي الرجعية وحسن نصرالله وأخيرا بشار الأسد.

وكما وصفت الوكالة السورية للأنباء سانا كعنوان للخبر الذي يستعرض فيه الكتاب بأنه يسلط الضوء على 14 شخصية عالمية من أيقونات النضال ضد الاستعمار كتاريخ مزيف وعمل فاضح يعمد إلى قلب الحقائق، ويحاول تدوير الوهم وإعادة استخدام الأكاذيب بعد استخراجها من السلال التي تقيأ الماضي والحاضر أصحابها وتقديمها للعالم كنفائس تستحق أن تعرض. وعلى الرغم من أن الحقائق لا تتغير، والمعلومات لا تنسى، ولا تشوه مهما حاول البعض ذلك فإن الأيام الحبلى ستنجب الآلاف من هؤلاء الذين قدمتهم صفحات الارتزاق وابتغاء الحظوة من الديكتاتوريين على أنهم كما ذكر معنون الكتاب، فإن كانوا كما يتوهم السيد بهجت فما عسى الأيام أن تقول إذن عن نضال عمر المختار ضد الاستعمار، وكفاح مارتن لوثر كينج ضد العنصرية؟!

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال