تيار الذين لا يحبوننا

الاحد - 23 أبريل 2017

Sun - 23 Apr 2017

العنوان أعلاه مركب بالقصد لينطبق على جماعات كانت وما زالت تعتقد أنها مهمة لدرجة أنها يمكن أن تهز وحدتنا.

لا أعتقد أن المتشددين والمتحزبين يعون معنى الدولة، وبالخصوص هذه الدولة التي تصدت وتتصدى لكل الذين تملكهم الوهم بأنهم يستطيعون أن يهزوا وحدتها أو أن يزعزعوا أمنها بتأليب الجهلة وأهل الغلو ضد كيانها.

إنني أحترم أن تملك رأيك فأنت حر فيه، لكن لا يمكن أن أقبل أو أحترم أو أصمت وهناك من يحاول التأليب على الوطن ليظهره بمظهر سيئ ليخدم تياره أو فكره المتشدد.

الاختلاف مع أو الانتقاد لما تقوم به المؤسسات الحكومية أو لعمل القائمين عليها يدخل في باب إبداء الرأي والنقد الذي إن كان صائبا وجب الأخذ به وإلا ترك، أما التهديد والغمز واللمز بتقويض الأمن وتحريض الناس لأن لديك رأيا مخالفا فهذا يدخل في باب العداوة للدولة والمجتمع.

يجب أن نعي جميعا دون استثناء أنه من غير المقبول لا عقلا ولا منطقا أن تفرض رأيك الضيق على كل الناس، ولا أن تفسق الآخر أو تجرمه لأنه فقط غير مقتنع بما تقوله أو تدعو له.

مشكلة هذه التيارات أنها تربت على اعتقاد واهم بأنها تملك وتمارس الصواب المطلق، وأن ما يقوله رموزها - سواء الرموز المستترة أو المتقلبة في أحيان كثيرة - هو الرأي الديني الأوحد والأصح دون وعي بأن التركيب الاجتماعي والثقافي والديني في كل المجتمعات، وليس عندنا فحسب، تركيب مبني على الاختلاف في المقبول وغير المقبول من اتجاهات مختلفة.

إن الفئة التي تتلبس الشكل الديني وتحاول أن تسوق لسمومها باسم التقوى وبعباءة المتقين، هي التي تحاول أن تثير البلبلة لكسب الجماهير المندفعة واستغلالها بما يسيء للدولة.

لذلك أؤكد على الجماهير والمنقادين خلف هذه الأوهام أنه يجب على الجميع الوعي بأن معنى الدولة يختلف كليا عن الحكومة أو العمل المؤسسي. الدولة هي العمود والأساس والمساس والتلميح بزعزعتها أمر خطير ولا يقوم به إلا من يحمل العداء والكراهية للمجتمع وللكيان.

للجميع حق أن يختاروا ما يناسبهم في حياتهم وحياة أسرهم ولكن ليس لأحد الحق في أن يفرض ما يراه ويحاول أن يحرم ويجرم كل ممارسة أو عمل لا يتفق معه.

الوعي بذلك يجلب السلام والوئام ويدفع التنافر لأنه وبكل بساطة من غير المقبول أن نرسم دائرة تعجبنا وتناسبنا لنعيش فيها ثم نطالب الآخرين بألا يتجاوزوها لأننا نراها هي الدائرة الأصلح. هذا العالم دوائر ومساحات وآفاق مختلفة لا يمكن أن تحده في دائرة واحدة.

أخيرا عزيزي القارئ: ليس كل ما نعتقده صوابا، لأن الاعتقاد مبني على فهم، والفهم بطبيعته يتغير ويتطور.. فلنترك مساحة تسعنا وتسع الجميع.