إبراهيم خليل البراهيم

الخمسون مليارا المهدرة!

الاحد - 16 أبريل 2017

Sun - 16 Apr 2017

حبا الله هذه البلاد ومن عليها بالعديد من النعم التي نعجز عن عدها وإحصائها وشكر الله عليها، إحدى تلك النعم بحمد الله نعمة المأكل والمشرب. والنعم لا تدوم إلا بشكرها لقول الله تعالى في محكم التنزيل (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم). إذ إن تعاليم ديننا ومنهجنا الإسلامي القويم يحث دوما على احترام النعم بحفظها وشكرها وعدم الإسراف فيها (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، بغض النظر عن مستوى احتياجك أو غناك فعدم الإسراف مبدأ ثابت بصرف النظر عن حاجة الشخص أو مستوى معيشته.

للأسف، الواقع مختلف ومغاير تماما لابتعادنا عن تطبيق تعاليم ديننا الإسلامي؛ ففي الوقت الذي يعاني ملايين البشر من تزايد المجاعات ونقص الغذاء والدواء في العالم نتيجة الحروب والأمراض وضعف الموارد تقابلها للأسف أطنان من المواد الغذائية في المملكة تلقى في النفايات. وبكل أسف وحزن تصدرت السعودية قائمة دول العالم لتصنف الدولة الأكثر هدرا للغذاء، إذ أوضح إحصاء نشره مركز «بارييلا للطعام والتغذية»، بالتعاون مع مجلة «إيكونوميست البريطانية»، أن الفرد السعودي يهدر قرابة النصف طن (427 كلجم) من الطعام سنويا.

كما أكدت ذلك إحصائيات وزارة البيئة والمياه والزراعة، إذ قدرت نسبة هدر الغذاء في المملكة بين 30- 40%، ما تقدر قيمته بقرابة 50 مليار ريال سنويا.

هذا الهدر المرعب والإسراف البشع يوجب وقفة مننا جميعا ومراجعة سلوكياتنا وتصرفاتنا، فكثير من هذا الهدر يكون تحت مسمى صفة حميدة أكد عليها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهي الكرم بينما الكرم بريء من أن يكون مصدرا للإسراف والمباهاة، فالسلوك الحميد لا يمكن أن يصل بالشخص إلى تصرف خاطئ. كما استغرب اختزال مفهوم الكرم الواسع والمتشعب بالمأكل والمشرب بينما هو أعمق من ذلك بكثير، فالكرم يكون أيضا بالسلوك والأخلاق والتعامل، بل إن حتى ابتسامتك في وجه أخيك صدقة وكرم.

هناك جهود لا يمكن إغفالها في حفظ الطعام مثل جهود جمعية إطعام التي استطاعت أن تحافظ على أكثر من 2.4 مليون وجبة، والعديد من الجمعيات الخيرية المختلفة التي تجتهد وتعمل في هذا الخصوص، فجهودهم مشكورة ومقدرة وجزاهم الله خير الجزاء. لكن هذا مجرد حل للعرض وليس حلا للمشكلة، فالحكيم من يستطيع تجنب المشكلة قبل وقوعها وقبل أن تحدث ويقضي على أساس المشكلة لا الأعراض.

ومضة: حدثنا أجدادنا عن جوع وفقر مرا بهم وأخشى أن نحدث أحفادنا عن رغد عيش ونعم كنا فيها لم نشكرها بحفظها!

(ثم لتسألن يومئذ عن النعيم).