بصمة الفيل.. جنوب طريق الحرير
الأحد - 16 أبريل 2017
Sun - 16 Apr 2017
«بصمة الفيل أو خطوة الفيل» (Elephant Walk) هو استعراض الإرادة السياسية بغرض إخضاع الخصم، أي بإجباره إراديا على التخلي عن نية الانخراط في نزاع عسكري مباشر. وهذا تحديدا ما عمدت إليه إدارة الرئيس ترمب منذ 7 أبريل 2017 عندما نفذت البحرية الأمريكية غارة بالصواريخ الجوالة على قاعدة الشعيرات السورية في ريف حمص. واستتبعت ذلك بإرسال مجموعة كارل فنسن القتالية إلى مياه كوريا الشمالية، وانضمام قوة قتال يابانية مساندة لها. أما في 13 من أبريل الجاري فقد استعرض سلاح الجو الأمريكي جناحه التكتيكي رقم 18 في قاعدة كادينا اليابانية، وألقى سلاح الجو الأمريكي «أم القنابل» شرق أفغانستان مستهدفا تحصينات أرضية لتنظيم داعش (خرسان). وتعد هذه القنبلة الأكبر في قوتها التفجيرية، وتصنف تراتبيا بعد النووية، حيث تبلغ قوتها التفجيرية 11 طنا، في حين أن قنبلة هوريشيما بلغت 15 طنا.
أولويات الإدارة الأمريكية تنحصر في تحقيق الاحتواء لكل من روسيا وإيران في الشرق الأوسط والأدنى عبر رفعها لتعداد قواتها العاملة على الأرض من القرن الأفريقي إلى الشرق الأوسط (سوريا، العراق) بالإضافة إلى أفغانستان. فاستراتيجية الاحتواء تعتمد فرض الاستقرار لأنها باتت على ثقة أن الخيارات المتاحة للحيلولة دون وقوع مجابهة نووية مستقبلية (كما تلمح إلى ذلك كل من روسيا والصين دائما) هو بتحفيز كليهما على ضرورة التراجع النسبي وجني ثمار الاستقرار. فالرئيس ترمب يعول على الحكمة الصينية في تفهم أن مبدأ عدم الاستقرار جنوب مسار طريق الحرير قابل للتوظيف في الشمال منه إن هي اضطرت لذلك. لذلك كان لزاما على الرئيس ترمب إظهار عدم التردد في إبراز أو توظيف عامل القوة المتاحة للرئيس من المتوسط إلى بحر الصين في ظرف 6 أيام فقط.
أفغانستان تبقى المساحة الجغرافية الأخطر على استقرار محيطها السياسي بعد سوريا وليبيا نتيجة التفريغ السياسي. ففي حين اعتمدت إدارة الرئيس أوباما تقبل الفراغ أو التفريغ السياسي أملا في تخليق جغرافيا سياسية جديدة تعتمد الاقتسام السياسي بالتراضي على أساس طائفي من الشرق الأوسط إلى الأدنى، فإن هدفها الاستراتيجي الآخر كان قائما على فرضية استنزاف خصومها (الصين، روسيا وإيران) في آن واحد. إلا أن حالة الاستنزاف المطلوبة لم تتحقق، وكذلك النتائج المرجوة منه.
لذلك نجدنا اليوم أمام رئيس يرسم الخطوط الحمراء بإرادة مختلفة في محاولة جادة لإعادة التوازن المفقود، ولاستعادة ثقة حلفاء الولايات المتحدة حول العالم. فحلف الناتو بالإضافة لحلفاء الولايات المتحدة العرب قد يكونون شركاءها في حال قررت تعديل مسارات عملياتها العسكرية في سوريا. وهذا تحديدا ما بات الرئيس ترمب يلوح به بعد تحقق العزل السياسي لروسيا في جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول إدانة نظام الأسد لاستخدامه سلاحا كيماويا ضد مواطنيه في خان شيخون.
ففي حين كانت أنظار العالم مركزة على سجالات المندوبين في تلك الجلسة، كانت قوات سوريا الديمقراطية تطهر مطار الطبقة في الرقة، وتحقق الفصائل الأخرى تقدما ملحوظا في ريف دمشق. أما في كوريا الجنوبية، فإن القوات الكورية الجنوبية والأمريكية رفعت من مستوى تمرينات التعبئة والانتشار الفعلي تحسبا لعمل عسكري تأديبي في حال نفذت كوريا الشمالية وعودها بإجراء اختبارها النووي. إلا أن الضغوط الصينية ربما قد أفلحت في إقناع بيونج يانج بعدم جدوى استفزاز ترمب الآن بعد توجيهه ضربة عسكرية تأديبية لنظام بشار الأسد، وكذلك لأن الصين لن تقبل بتجاوز بيونج يانج «للحدود القصوى» في حال أقدمت على اختبارها النووي السادس احتفالا بيوم الشمس (مولد المؤسس كيم إيل سونج). فحسب افتتاحية جريدة جلوبل تايمز الصينية (الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني) في 12 أبريل «في حال قررت بيونج يانج إجراء تجربتها النووية، فإن بجين لن تتعاطى مع ذلك الحدث بلا مبالاة، وسوف تضطر لاتخاذ إجراءات صارمة حيال ذلك». الموقف الصيني يهدف لحفظ ماء وجه الصين في حيزها الآسيوي الحيوي، فإن أي عمل عقابي أمريكي سيكون محرجا لها.
الرئيس ترمب غرد في حسابه على تويتر بعد إصدار أوامره بتحويل مسار مجموعة القتال بقيادة حاملة الطائرات كارل فينسن من أستراليا إلى المياه الإقليمية لكوريا الجنوبية بعد تأكيد مراكز رقابة مختصة كمؤسسة North 38 بأن مركز بونجي ري للاختبارات النووية قد أكمل عمليات التحضير النهائية لإجراء تجربة نووية، وكتب معلقا «كوريا الشمالية تبحث عن المتاعب، وسنرحب إن قررت الصين المساعدة، وإلا فإن الولايات المتحدة قادرة على حل ذلك المشكل منفردة».
هذه الخطوات الثقيلة للفيل الأمريكي سوف تكون محسوسة في القمة المرتقبة بين روسيا، والصين، وإيران وباكستان حول أفغانستان. فتجاوز المجتمع الدولي وأفغانستان بالإضافة للهند أمر لم يعد مقبولا، خاصة بعد تأكد الولايات المتحدة من ضلوع إيران وروسيا في تسليح حركة طالبان ومن في حكمها.
فتلك التنظيمات تتحمل المسؤولة الأكبر من دماء قوات حفظ السلام الدولية في أفغانستان، وجل تلك القوات أمريكية. العالم الآن ينتظر تغليب الحكمة والتراجع خطوة واحدة إلى الوراء، كالخطوة الصينية من كوريا الشمالية، وليس ردة الفعل الروسية باختبار أكبر قنابلها غير النووية «أب كل القنابل» (FOAB) زنة 44 طنا في ردها على استهداف الولايات المتحدة مواقع لتنظيم داعش في أفغانستان بقنبلة «أم القنابل» (MOAB) زنة 11 طنا.
[email protected]
أولويات الإدارة الأمريكية تنحصر في تحقيق الاحتواء لكل من روسيا وإيران في الشرق الأوسط والأدنى عبر رفعها لتعداد قواتها العاملة على الأرض من القرن الأفريقي إلى الشرق الأوسط (سوريا، العراق) بالإضافة إلى أفغانستان. فاستراتيجية الاحتواء تعتمد فرض الاستقرار لأنها باتت على ثقة أن الخيارات المتاحة للحيلولة دون وقوع مجابهة نووية مستقبلية (كما تلمح إلى ذلك كل من روسيا والصين دائما) هو بتحفيز كليهما على ضرورة التراجع النسبي وجني ثمار الاستقرار. فالرئيس ترمب يعول على الحكمة الصينية في تفهم أن مبدأ عدم الاستقرار جنوب مسار طريق الحرير قابل للتوظيف في الشمال منه إن هي اضطرت لذلك. لذلك كان لزاما على الرئيس ترمب إظهار عدم التردد في إبراز أو توظيف عامل القوة المتاحة للرئيس من المتوسط إلى بحر الصين في ظرف 6 أيام فقط.
أفغانستان تبقى المساحة الجغرافية الأخطر على استقرار محيطها السياسي بعد سوريا وليبيا نتيجة التفريغ السياسي. ففي حين اعتمدت إدارة الرئيس أوباما تقبل الفراغ أو التفريغ السياسي أملا في تخليق جغرافيا سياسية جديدة تعتمد الاقتسام السياسي بالتراضي على أساس طائفي من الشرق الأوسط إلى الأدنى، فإن هدفها الاستراتيجي الآخر كان قائما على فرضية استنزاف خصومها (الصين، روسيا وإيران) في آن واحد. إلا أن حالة الاستنزاف المطلوبة لم تتحقق، وكذلك النتائج المرجوة منه.
لذلك نجدنا اليوم أمام رئيس يرسم الخطوط الحمراء بإرادة مختلفة في محاولة جادة لإعادة التوازن المفقود، ولاستعادة ثقة حلفاء الولايات المتحدة حول العالم. فحلف الناتو بالإضافة لحلفاء الولايات المتحدة العرب قد يكونون شركاءها في حال قررت تعديل مسارات عملياتها العسكرية في سوريا. وهذا تحديدا ما بات الرئيس ترمب يلوح به بعد تحقق العزل السياسي لروسيا في جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول إدانة نظام الأسد لاستخدامه سلاحا كيماويا ضد مواطنيه في خان شيخون.
ففي حين كانت أنظار العالم مركزة على سجالات المندوبين في تلك الجلسة، كانت قوات سوريا الديمقراطية تطهر مطار الطبقة في الرقة، وتحقق الفصائل الأخرى تقدما ملحوظا في ريف دمشق. أما في كوريا الجنوبية، فإن القوات الكورية الجنوبية والأمريكية رفعت من مستوى تمرينات التعبئة والانتشار الفعلي تحسبا لعمل عسكري تأديبي في حال نفذت كوريا الشمالية وعودها بإجراء اختبارها النووي. إلا أن الضغوط الصينية ربما قد أفلحت في إقناع بيونج يانج بعدم جدوى استفزاز ترمب الآن بعد توجيهه ضربة عسكرية تأديبية لنظام بشار الأسد، وكذلك لأن الصين لن تقبل بتجاوز بيونج يانج «للحدود القصوى» في حال أقدمت على اختبارها النووي السادس احتفالا بيوم الشمس (مولد المؤسس كيم إيل سونج). فحسب افتتاحية جريدة جلوبل تايمز الصينية (الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني) في 12 أبريل «في حال قررت بيونج يانج إجراء تجربتها النووية، فإن بجين لن تتعاطى مع ذلك الحدث بلا مبالاة، وسوف تضطر لاتخاذ إجراءات صارمة حيال ذلك». الموقف الصيني يهدف لحفظ ماء وجه الصين في حيزها الآسيوي الحيوي، فإن أي عمل عقابي أمريكي سيكون محرجا لها.
الرئيس ترمب غرد في حسابه على تويتر بعد إصدار أوامره بتحويل مسار مجموعة القتال بقيادة حاملة الطائرات كارل فينسن من أستراليا إلى المياه الإقليمية لكوريا الجنوبية بعد تأكيد مراكز رقابة مختصة كمؤسسة North 38 بأن مركز بونجي ري للاختبارات النووية قد أكمل عمليات التحضير النهائية لإجراء تجربة نووية، وكتب معلقا «كوريا الشمالية تبحث عن المتاعب، وسنرحب إن قررت الصين المساعدة، وإلا فإن الولايات المتحدة قادرة على حل ذلك المشكل منفردة».
هذه الخطوات الثقيلة للفيل الأمريكي سوف تكون محسوسة في القمة المرتقبة بين روسيا، والصين، وإيران وباكستان حول أفغانستان. فتجاوز المجتمع الدولي وأفغانستان بالإضافة للهند أمر لم يعد مقبولا، خاصة بعد تأكد الولايات المتحدة من ضلوع إيران وروسيا في تسليح حركة طالبان ومن في حكمها.
فتلك التنظيمات تتحمل المسؤولة الأكبر من دماء قوات حفظ السلام الدولية في أفغانستان، وجل تلك القوات أمريكية. العالم الآن ينتظر تغليب الحكمة والتراجع خطوة واحدة إلى الوراء، كالخطوة الصينية من كوريا الشمالية، وليس ردة الفعل الروسية باختبار أكبر قنابلها غير النووية «أب كل القنابل» (FOAB) زنة 44 طنا في ردها على استهداف الولايات المتحدة مواقع لتنظيم داعش في أفغانستان بقنبلة «أم القنابل» (MOAB) زنة 11 طنا.
[email protected]