محمد العوفي

الإفلاس في تصريح الوزير

السبت - 15 أبريل 2017

Sat - 15 Apr 2017

صراحة وزير المالية محمد الجدعان وشفافيته خلال حديثه مع رجال الأعمال حول احتمالات تعرض رجال الأعمال والقطاع الخاص للخسارة وربما الإفلاس بسبب إجراءات الوضع الاقتصادي، وما أشار إليه حول أهمية التصحيح الاقتصادي وعدم الخوف منه، وأن الإفلاس ليس عيبا «لا نستحي في التصحيح الاقتصادي أن تفلس شركة أو منشأة اقتصادية، المهم أن نحافظ عليها من حيث تسريع إجراءات التصفية والإفلاس والحماية القضائية»، هذا التصريح حمال أوجه، يمكن قراءته من زوايا متعددة.



وإذا افترضنا أن تصريح الوزير موجه لشركات الداخل، يمكن اعتبار هذا التصريح تهيئة لما هو قادم، ولا سيما أنه يتحدث لجمع من رجال الأعمال، وأراد من خلاله أن يضع أمامهم كل الاحتمالات التي قد تتعرض لها شركاتهم، ويلمح إلى أن الحكومة لن تتدخل في حال تعرضت شركة ما للإفلاس، وعليها أن تواجه مصيرها دون أن تعلق آمالا كبيرة على الدعم الحكومي، ولا سيما أن هذا التصريح أتى بعد صعوبات مالية تمر بها اثنتان من كبرى شركات المقاولات في السعودية، علاوة على أنه بعث رسالة ضمنية فحواها أن القادم من مراحل التحول الاقتصادي وإعادة الهيكلة المنشودة قد يكون قاسيا نوعا ما، ولن تستطيع كل الشركات الصمود أمامه، وستخرج من السوق نتيجة لعدم قدرتها على التكيف مع الوضع الحالي، وربما تعلن إفلاسها.



إن المؤكد أن المستثمر والشركات الأجنبية التي تراقب الاقتصاد السعودي ورؤية السعودية 2030 سيلتقطان ما بثه هذا التصريح من إشارات سلبية عن الوضع الاقتصادي ومصير الاستثمارات المستقبلية، وسيزيد هاجس الخوف لديهم الجزء الثاني من التصريح حول غياب أنظمة الإفلاس، ومن الطبيعي جدا بناء على ذلك أن يغير قراره الاستثماري، ويبحث عن دول تحمل التصريحات مؤشرات إيجابية ومتفائلة حول الاقتصاد، وهو ما لا تحبذه الحكومة ويتناقض مع مساعيها لرفع مساهمة القطاع الخاص بمؤسساته الكبيرة والمتوسطة والصغيرة في إجمالي الناتج المحلي من 40% إلى 65%، وزيادة نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 3.8% إلى 5.7%، وكذلك زيادة إسهام المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20 % إلى 35%.



وإذا اتفقنا مع الوزير واعتبرنا أن الإفلاس ليس عيبا وأنه لن يؤثر في الاقتصاد أو المساعي الرامية لزيادة مساهمة القطاع الخاص، فمن الأولى أن تسارع الجهات التشريعية بإقرار – ما اعترف الوزير بغيابه - نظام إجراءات الإفلاس لحماية الشركات، ولا سيما أنه ظل محل تساؤل من المستثمرين الأجانب، لعل وعسى أن يحسن من البيئة التشريعية الخاصة والتجارة، ويطمئن المستثمر الأجنبي المستهدف وفي حال تعرضت استثماراته وشركاته للإفلاس فهناك نظام يحميه ويحمي مصالح الدائنين والعملاء.



عليه يمكن القول إن الإشارات السلبية التي حملها تصريح الوزير حول تعرض الشركات للخسائر والإفلاس، وغياب نظام الإفلاس، ستشكل عقبة في مساعي جاذبية الاستثمارات الأجنبية، ولا سيما أنهما عاملان مؤثران في رفع تنافسية الاقتصاد والأعمال لتأثيرهما المباشر في قرار المستثمر في تفضيل دولة معينة أو سوق معينة دون غيرها، علاوة على أن غياب نظام إجراءات الإفلاس يحد من قدرة الشركات المحلية المتعثرة من العمل على تجاوز الصعوبات المالية التي تواجهها، والاستمرار في ممارسة أعمالها، أو إجراء التصفية إذا تعذر ذلك، بما يحفظ حقوق الدائنين وغيرهم من أصحاب المصالح، ويعني وجود هذا القانون نسبة أقل من المخاطر للدائنين، ويهيئ فرصا للشركات لإنقاذ أعمالها من إجراءات إعادة الهيكلة والتنظيم المالي.



[email protected]