رأيت ذلك فيه!

الجمعة - 14 أبريل 2017

Fri - 14 Apr 2017

كثير من الناس مستاؤون من علاقتهم بالطرف الثاني، أقصد بذلك شريك الحياة، فهل وراء ذلك متطلبات كثيرة أو غير واقعية؟

ما هي؟ ومن أين تنبع هذه الحاجة كي يعترف الطرف الثاني بقوتنا وإنجازاتنا وبجمالنا وبحبنا له وتضحيتنا من أجله؟ إلى درجة أن النرجسية المختبئة في كل شخص والتي منبعها «الايغو» الكامن في النفس تجعله ينسى أو يتناسى بهبة ريح كل فضائل هذا الطرف؟

رأيت فيه الود والرحمة في يوم، ورأيت فيه الجفوة والقسوة في يوم آخر، رأيت فيه الشجاعة والشفافية في يوم، ورأيت فيه التخاذل والغموض في يوم آخر، رأيت فيه الرجل المهتم والمتفهم في يوم، ورأيت فيه الرجل المنصرف وغير المتفهم في يوم آخر، رأيت فيه الرجل العاشق الولهان في يوم، ورأيت فيه الرجل المهمل وغير المهتم في يوم آخر، رأيت منه الكثير الكثير من المتناقضات التي حملت أطراف شبكة حياتنا على سفينة تمخر أمواج بحر الحياة بحلوها ومرها، ولكن هنا يجب طرح السؤال: (كيف للحب أن يتأجج يوما ويخبو يوما)؟

الارتباط بشخص على عكس ما يظنه الكثيرون ليس ارتباطا ماديا فقط، بأن يتواجدا في مكان واحد وزمان واحد، وأن يتحملا مسؤوليات وواجبات على مستوى أسري، لأن المجتمع يريد ذلك كما اعتاد عليه البشر.

الارتباط الحقيقي يتم على مستوى النفس، إذ هو زواج نفس بأخرى، وهو لباس يجمل به المرء ويستر به نفسه من الوقوع في فتنة قد يتعرض لها خارج بيته، يقول تعالى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)، مما يساعد على النمو والتطور في كل مناحي الإنسانية جسدية كانت أو عقلية أو روحية.

فالزواج أكثر من مجرد محطة يجب التوقف عندها، إنه رحلة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

بعد أيام الخطوبة والتجهيزات، والأشهر الأولى من الزواج، يبدأ الإنسان في اكتشاف مدى صدق الطرف الآخر مع نفسه، فيما يخص متطلباته من هذا الارتباط، ومدى معرفته بالمعنى الحقيقي للزواج والهدف الحقيقي منه أيضا، وقد يصدمه ما يكتشف بما لا يحب ولا يعتقد.

يكمن الرقي في العلاقة الزوجية في تمكن طرفي المعادلة من التنبه إلى أن شريكه ليس إلا إنسانا مثله يصيب ويخطئ، ويقوى ويضعف، يصبر ويحتمل في يوم، ولا تقوى أعصابه في يوم آخر على الصبر والاحتمال، وأن له عالمه الخاص الذي لا يمكن الاستحواذ عليه والاستبداد به، وأنه في النهاية نفس اكتملت نفسه بها.

الزواج سنة في الحياة شاءها الله لعباده كي تستقيم بها إنسانيتهم ويستقيم بها مجتمعهم، وهو أيضا إضافة جميلة للحياة تضفي عليها الحيوية والعذوبة، وتجعل الحياة أحلى وأجمل، هذا هو الذي وجدته فيه فتلاشت أهمية السؤال: كيف للحب أن يتأجج يوما ويخبو يوما؟