حنان المرحبي

الانتشار أم الجودة!

الجمعة - 14 أبريل 2017

Fri - 14 Apr 2017

قد يسرت الظروف التقنية المعاصرة للموهوبين سبل الابتكار وتنويع الممارسات والاتصال بالجمهور لعرض الأعمال والمبادرات عليهم، وتكوين المجتمعات الصغيرة والمكونة من أفراد تجمعهم اهتمامات وتطلعات مشتركة.

وبالتأكيد، توجد دائما مهددات للنجاح أمام هؤلاء الموهوبين والأعمال الناشئة، تتمثل أهمها في محدودية الوقت ومصادر التمويل، وقد أسهمت التكنولوجيا الحديثة في تخفيفها بالعديد من الحلول التي نتج عنها تمكين الإنسان من تشغيل جزء كبير من أعماله بمفرده، وبالتالي تخفيض التكاليف، ولكن تظل الأعمال الرائدة بحاجة لعقول متنوعة وإمكانات معقدة تعمل على تسريع الابتكار ودوامه.

ما نشاهده اليوم هو سباق مثير بين الموهوبين والأعمال الصغيرة للانتشار، اعتقادا منهم بأن الانتشار هو وسيلة تضمن لهم البقاء طويلا في الساحة. وفي الواقع، الذي نتج عن تلك الطريقة في التفكير هو ظهور عدد يبدو أنه لا نهائي من الأسماء والماركات التي لم نر بينها علامة فارقة لا تستبدل بسهولة كما كان حال الماركات في العقود الماضية. على سبيل المثال، كل سنة تقريبا تصعد أسماء وعلامات بالساحة وتختفي أخرى كانت بالأمس القريب بارزة. وبمجرد الضغط على زر البحث، يظهر أمام المستهلك أو المهتم بنشاط معين المئات من النماذج المتشابهة، لا فرق جلي بينها يسهم في جذبه وكسب ولائه أمام المد القادم من المواهب والمشاريع الجديدة واللامنتهية.

الانتشار لم يعد غاية صعبة، ولا يجب أن يكون معيارا لتقييم قوة الأعمال، لأن المعادلة تتجه نحو قدرة المنتج على خلق الفرق الذي يبقى في المقدمة طويلا.

الاختلاف والجودة هما السر الذي يمنح الأعمال القوة والقدرة على البقاء كعلامة فارقة وليس الانتشار. نعم هناك حاجة للانتشار، ولكن قبل ذلك، هناك ضرورة ماسة لبناء منتج قوي، يجعل من مساعي الانتشار توهجا لا تقف أمام بريقه العلامات الأخرى للفرق الذي يحمله الجوهر وليس الصيت.

أين القوة في انتشار واسع يحققه الفرد منا ولكن بعلاقة هشة بينه وبين جمهوره المستهدف أو مجتمعه المصغر من المهتمين بمجاله. وأين النجاح في صعوده السريع نحو القمة وقاعدته أو أساسه لا تزال ضعيفة، كيف سيمنحه القوة الكافية لتقديم الأفضل والابتكار والتجديد على الدوام. مع الأسف، قوة العلاقة وقوة البناء مسائل يصعب قياسها وإدارتها على المدى القصير ولكنها نقاط قوة مهمة لتفوق الأعمال على مدى أبعد.

وهذا قد يوضح بعض أسباب تأخر العديد من الأنشطة الاجتماعية والمشاهير في استثمار شبكاتهم الجماهيرية الضخمة وتحويلها إلى نماذج أعمال ناجحة وقوية. فقد كان الصعود أسرع بكثير من طاقتهم واستعدادهم بالحلول التجارية والابتكار الدائم، لهذا فإن ضمور علامتهم أو خروجهم من الساحة لا يلزمه سوى ظهور آخرين بنفس الطريقة ويتكرر الحال مع الجدد في حالة تأخرهم في الابتكار والتجديد باستمرار.

[email protected]