الشباب والكتاب والانسياق وراء العواطف

الجمعة - 07 أبريل 2017

Fri - 07 Apr 2017

يبدو أن التطلعات المعقودة باستنهاض العقول والهمم والآمال المعلقة بشحذ العزائم والشكيمة باءت كلها بالفشل وماتت كل المحاولات المرجوة في مهد طفولتها، فالعواطف المجردة من الحكمة هي الآن من تدير المجتمعات الشبابية وتوجهها.

وأضحت هذه العاطفة المنحازة للاوعي هي سيدة الحدث والموقف على مستوى عالمنا العربي، فلا فحوى الكتب العقيمة ألقت بظلالها على تلك العقول، ولا مدرجات التلقين على اختلاف مراحلها كانت قادرة على صنع حواجز صلبة لتكون حصنا حصينا منيعا لتلك الفئة من الشباب، ولا الوقائع المعاصرة أيضا لتلك الأحداث المتسارعة استوعب منها كامل الدروس، تلك الأحداث المتأصلة في الصراعات والحروب والنزاعات القائمة بذرائع واهية ليس للناقة فيها خير ولا فضل يرجى منها للجمل، فضلا عن أن تنعكس عليهم صدى الحقائق التاريخية فيعتبر منها ويتعظ أو تظهر فيهم ثمرة القيم النبيلة والمبادئ الأصيلة ذات الإرث الكبير والخير الوفير فيتوج بها سلوك الشباب في زمن شحت فيه سواعد الإنجاز والعمل وجفت فيه منابع الابتكار وتقلصت معه الأفواه المنادية بإصلاح الفرد والمجتمع.

في غضون ذلك ومع تأزم والوضع الثقافي وتنامي حالات التردي للكتاب انعدمت الأفكار النيرة حصيلة تعليب العقول المعطلة عن الاستخدام والإنتاج فتضرر على إثرها استقرار النفس البشرية في العالم العربي وتضاءلت فرص الإبداع وبات هدف الشاب العربي ينحصر فقط بالاستمتاع بقدر ما يدركه من ملذات الحياة وإن تنافت تلك الملذات مع سياق القيم الإنسانية ومبادئ تعاليم الدين الحنيف.

إن فقدان الأمان الفكري والأمن الحسي أحد الأسباب التي أدت إلى ذلك الخلل وعلى إثره تدحرجت الأماني والأحلام الشبابية ككرة الثلج الهاوية في جرف سحيق، غيبها تبلد الإحساس إلى عالم مجهول الهوية مغمور الهدف، ويكفي أن تحمل الرايات وتهتف بالشعارات فتصنع مجدا «يجير لصالح الإنجازات الوهمية فتتناقله أجيال لا تعرف معنى البطولات ولا دلائل البأس والشجاعة، إن أدوات ومساحيق التزيف والأقنعة التنكرية كفيلة بتضليل الرأي العام، فكيف بالشباب الذي عزلت عنه الحقائق في عالم لا تنتهي فيه المزيفات التي تجعل من اللاشيء شيئا، ومن الشيء لا شيئا»، هو الجهل، نعم الجهل هو سبب الإعراض والانكماش والتقوقع وكذلك، فإن كثرة الإعراض عن أي أمر سبب جوهري للجهل بهذا الأمر، وما من صفة أو سمة تحط إلى مغالب الذل وتزدري بالإنسان وتحقره كالجهل، وقد قيل قديما كم علم لو بدا لنا لكان فيه شقاء عيشنا، وكم جهل لو ارتفع منا لكان فيه هلاكنا، فإذا كانت الراحة في الجهل بالشيء كان التعب في العلم به، ومرحبا بالجهل.

الأكثر قراءة