أنيميا الوعي

الأربعاء - 05 أبريل 2017

Wed - 05 Apr 2017

تسابق الخطى الحثيث نحو ما يعتقد بأنه السعي الرشيد إلى الكمال ويرى بأنه المثال لسد العجز والفاقة وبلوغ منتهيات الطاقة في سباق النهوض وعلى ميادين الركوض.

ومهما كان هذا الجهد بالغا مداه، فإنه ليس بالضرورة أن يكتب له النجاح ويجاوره السداد، بل الذهاب الذي لا يعرف سبيله ولا يؤدي إلى الإياب دخولا في مسار آخر غير المسار المبتغى، وإن توهمنا أنه الطريق المجتبى والإنجاز الملهم للشخص المؤيد الملهم.

بعيدا عن ضجيج الأفعال وصخب الأحداث وفراش الأتباع المتهاوي في كل مكان تقريبا، فإن أي إنجاز يستحق الفخر والإشادة هو ذلك الإنجاز الذي يضيف النقلة النوعية إلى حياة البشرية ويرفع من وتيرة تقدمها ثقافيا وإنسانيا واجتماعيا ويسهم في نشر الوعي الحقيقي الذي أصابته الأنيميا الحادة هذه الأيام. إنجاز ينأى بالنفس عن المتاجرة بقضايا المكلومين والمنكوبين حول العالم بعيدا عن جذب أضواء الفلاش ولي الأعناق والتماس جلبة الأصداء وصرفا عن حقيقة الفعل واعتباره إنجازا حتى وإن كان لا يضيف ولا يثري ولا يقدم أي قيمة للمجتمع ولا يوازي حجم العناء، كالسباحة في أحد الممرات المائية لـ 6 ساعات لدعم قضية ومحاولة لإيصال صوت. وبعيدا عن الدخول في الضمائر واستقراء مكونات السرائر، فإني أزعم أن هذا لم يلامس أبعاد وتداعيات قضية بلغت أخبارها أصقاع العالم ووصل صداها أرجاء المعمورة رغم نبل المقصد وحسن النية. خبر السباحة الآنف الذكر تلقفته الصحف الناشرة لتذكر بأن المشاركة كما وردت نصا «جاءت لرفع مستوى الوعي، والمساهمة في تخفيف معاناة اللاجئين السوريين»، على طريقة تحدي الجليد للفت الانتباه إلى مرضى التصلب اللويحي أو النوم مع الأفاعي لحشد التعاطف تجاه الأيتام.

هناك العديد من المبادرات الإنسانية التي بقيت حبيسة أصفاد التجاهل أو رهينة أغلال التخاذل، واستمر بعضها كصدقة السر كمبادرة الدكتور عوض جمعان الحافي وزملائه الآخرين الذين قرروا التبرع بوقتهم وجهدهم لعلاج أسنان من لا يملك قيمة العلاج، إضافة إلى التثقيف الصحي كزكاة علم ومبادرة إنسانية تستحق الفخر والإشادة وتسليط الضوء عليها حتى تكون محفزا للآخرين ووقودا لأولئك الأطباء لبذل المزيد من الوقت والجهد.